الأحد، 9 أغسطس 2015

الفكر السياسي الاسلامي بين اليوتوبيا و الديسيتوبيا


يستمد الفكر بصورة عامة أهمية قصوى في خارطة الوجود الكوني وصيرورة عقل الإنسانية وذلك بإعتبار إن الفكر هو عبارة عن نشاط عقلي إنساني يأتي نتاج لسؤال موجه أو مشكلة ماثلة أو ظاهرة مستحدثة و من هنا أخذ الفكر صفتين أساسيتين هما ـ الإنسانية و الوجودية ـ وهنالك علاقة وثيقة تربط بين هذين الصفتين لقد إرتبط وجود الفكر بوجود الإنسان فحيثما وجد الإنسان وجد الفكر بغض النظر عن ماهية وطبيعة هذا الفكر من منظومة أطوار الفكر الإنساني .
تختلف أنواع و تقسيمات الأفكار من مفكر إلى أخر و من زمان إلى زماناً أخر إلا إنه يمكن حصر الأفكار بصورة عامة في قسمين أساسيين :
1 ـ أفكار عقلية وضعية : وهي التي إستحدثها الإنسان كنتاج عقلي .
2 ـ أفكار آلاهية دينية : وهي التي وضعها الله للبشرية من خلال إرسال الرسل .
الفكر السياسي الإسلامي هو أحد منظومات الأفكار الدينية ، عليه يمكن الحديث عن الفكر السياسي الإسلامي من اليوتوبيا إلى الديسيتوبيا في المحاور الأتية :
أولاً : ماهية الفكر السياسي الإسلامي
هنالك ثمة مجموعة من التعاريف التي حوتها الكتب أو أوجدها العلماء حول ماهية الفكر السياسي الإسلامي عليه يمكن تعريف الفكر السياسي الإسلامي ـ كتعريف شخصي ـ بإنه الطريقة التي يفسر ويمارس بها المسلمون السياسة إستناداً على نصوص ( مصادر ) التشريع الإسلامي .
ثانياً : طبيعة الفكر السياسي الإسلامي
يتميز الفكر السياسي الإسلامي بمجموعة من الخصائص و الصفات إلا إنه يمكن حصر طبيعة الفكر السياسي في خاصيتين :
الأولى : إنه فكر ديني .
الثانية : إنه فكر يقوم على مجموعة من المبادئ هذه المبادئ أشارت لها ـ مصادر التشريع الإسلامي ـ .
بالرغم من إختلاف العلماء حول طبيعة الإسلام ـ كدين ـ و بين السياسة ـ كعلم و سلوك ـ إلا إنه هنالك ثلاثة من المستويات التي تربط بين الإسلام كدين وبين السياسة كعلم أو سلوك بشري وهذه المستويات تتمثل في الأتي :
ـ مستوى : الفقه السياسي ( وهو يركز حول الكليات والغايات ) .
ـ مستوى الفكر السياسي الإسلامي ( وهو يرتبط بالجزيئيات ) .
ـ مستوى التيارات والحركات السياسية الإسلامية ( وهو يرتبط بالواقع ومبدأ الخصوصية ) .
وعند الحكم على أي فكر سياسي أو سلوك للتيارات يجب النظر إلى المستويات الثلاثة كما يجب التفرقة بين الفكر و الممارسة .
ثالثاً : منهج الإصلاح في الفكر السياسي الإسلامي
منهج الإصلاح هو الطريقة التي من خلالها يتم تحويل المجتمع من وضع إلى أخر و عند إستقراء مناهج الإصلاح التي أوجدها الإنسان أو وضعتها الإطروحات الإصلاحية المرتبطة بجميع الإسهامات الأدبية نجد إن هنالك منهجين للإصلاح بصورة عامة :
1 ـ منهج الإصلاح من أعلى : وهو يركز على السيطرة على آليات الإصلاح و التغيير ومن ثم إسقاط هذه الإصلاحات على المجتمع و غالباً ما تكون السيطرة هنا بمعني الوصول إلى السلطة العليا في المجتمع .
2 ـ منهج الإصلاح من أسفل وهو يعني التركيز على الفرد ثم المجتمع ثم الدولة وهي يتمحور حول إصلاح الفرد أولاً وهو عكس منهج الإصلاح من أعلى .
يتضح من خلال النظر إلى تاريخ الدولة الإسلامية إنها دولة قامت على مبدأ الإصلاح من أسفل فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يهتم بتربية والأطفال ـ كنشئ ـ و تعليم الصحابة ـ كأفراد ـ لذلك مرت الدولة في الإسلام بمرحلتين:
ـ مرحلة الدعوة وهي مرحلة الإصلاح من أسفل .
ـ مرحلة الدولة : وهي إمتداد للإصلاح من أسفل .
إن المنهج الإسلامي لايؤيد الميكافيلية بإعتبار غائية السلطة فلطالما إن الفكر السياسي الإسلامي يبنئ على أهداف وغايات نبيلة فإنه يرفض منطلق الغاية تبرر الوسيلة .
رابعاً : الفكر السياسي الإسلامي بين اليوتوبيا و الديستوبيا

يستخدم مصطلحي اليوتوبيا والديستوبيا للدلالة على الإختلاف بين الفكر و الممارسة و النظرية والتطبيق أو ما يجب إن يكون وما هو كائن لقد تعرضت كثير من النظريات و الإطروحات إلى النقد و الوصف بالإختلاف بين النظرية و التطبيق العملي ولم يكن الفكر السياسي الإسلامي بمعزل عن هذه القاعدة عليه يمكن تلمس مظاهر الديستوبيا في الفكر السياسي الإسلامي في المحاور الأتية :
1 / ندرة مصادر الفكر السياسي الإسلامي الأصيل
هنالك أكثر من 50 % إلى 60% من مصادر الفكر السياسي الإسلامي غير موجود أو لم يتم الحصول عليها وحوالى 70 % منها كتبت بصورة غير موضوعية في بيوت الحكام و الأمراء .
2 / النزعة الأدبية و اللغوية
معظم الكتب التي كتبت في الفكر السياسي الإسلامي ( مقدمة ابن خلدون ، الأحكام السلطانية ، السياسة الشرعية ، ....الخ ) قد أهتم العلماء فيها بالجوانب اللغوية من حيث الإعراب و النحو فخلقت حالة من الغزلة وهنا لم يكن بمقدور العقل المسلم المجرد فهم محتوى الفكرة أو فهمها بصورة خاطئة وفي الوقت الحالى أصبحت هذه الكتب صحيحة من حيث اللغة مبهمة من حيث المدلول .
3 / العُزلة الفكرية
وهي نشأة بسبب أن 90% من المفكرين المسلمين الذين يكتبون عن الفكر السياسي الإسلامي لا ينتمون إلى أي حزب أو جماعة و من جانب أخر يظل معظم المفكرين في الأحزاب و التيارات السياسية الإسلامي غير متخصصين في الفكر السياسي
4 / ظهور الدولة القومية و تراجع مفهوم دولة الخلافة
أصبحت الدولة الإسلامية الآن دولة قومية تقوم على العرق و القومية أكثر من كونها دولة خلافة عامة تخضع لخليفة وأحد وسلطة عليا هي سلطة الإسلام و وكان المفهوم الحقيقي لمفهوم الدولة الإسلامية هو الدولة الإسلامية هي الدولة التي يحكمها خليفة مسلم و تكون الغالبية فيها للمسلمين و تتعامل بنصوص الإسلام من قرآن و سنة إلا إنه أصبح الآن مفهوم الدولة الإسلامية يدور حول خمسة إحتمالات :
1. الدولة الإسلامية هي التي تكون الغالبية فيها للسكان المسلمين .
2. الدولة الإسلامية هي التي يحكمها رئيس مسلم .
3. الدولة الإسلامية هي التي ينص قانونها على إن دين الدولة هو الإسلام .
4. الدولة الإسلامية هي التي تكون الغالبية فيها للمسلمين ويرئاسها حاكم مسلم .
5. لا توجد دولة إسلامية و إنما يوجد إسلام و مسلمين فقط .
فما هي الدولة الإسلامية الآن ؟ .
5 / النزعة السلطوية
توصف معظم التيارات و البيوتات السياسية الإسلامية المعاصرة بإنها حركات سلطوية تسعى إلى الحصول على السلطة وليس تطبيق تعاليم و مبادئ الإسلام و بالتالي تصبح السلطة غاية و الإنقلاب أو كل الطرق وسيلة ومن هنا تشابهت كثير من الدول القومية أو الوضعية مع كثير من الدول التي كانت من الممكن أن تكون دولة إسلامية تقوم على مبادئ الفكر الإسلامي وهنا تحولت الدولة في الفكر السياسي الإسلامي من ما يجب إن تكون عليه في نصوص الإسلام إلى ما هو عليه في أرض الواقع .
أصبحت الدولة الإسلامية عبارة عن دولة يوتوبيا ـ خيالية ـ و أصبحت الدولة القومية ـ ديستوبيا ـ وحلت الثانية محل الأولى .
ـــــــــــ
الاستاذ . عمر يحي ، جامعة الزعيم الازهري كلية العلوم السياسية و الدراسات الاستراتيجية

الصوفية و الفكر السياسي الاسلامي


الصوفية الماهية و المنهج 

ما بين السياسة الشرعية و الملل و النحل وجد الصوفية أنفسهم داخل دائرة الفرق الإسلامية و منظومة الإسلام السياسي يدور هذا المقال حول موقف الصوفية من السياسة و مكانة السياسة في فكر الصوفية .
أولاً : ماهية الصوفية :-
هنالك أربعة أطروحات تفسيرية حاول تعريف الصوفية من حيث المدلول اللغوي ( صوفية أو صوفي ) ، كالأتي :
1. الصوفية كلمة اشتقت من الصف وذلك لانهم يمارسون طقوسهم الدينية في شكل صفوف.
2. الصوفية تنسب إلى كاهن في الجاهلية يسمى ( صوفة ) .
3. الصوفية اتشتقت من ( أهل الصفة ) بضم الصاد .
4. الصوفية اسم مشتق من ( الصوف ) إستناداً على الملابس التي يلبسونها والتي تصنع من الصوف وهذا هو الراى الراجح واكثر قبولاً .
أما من حيث المفهوم العام للصوفية فهم أحد الفرق الإسلامية ذات المعتقدات الدينية الخاصة و التي ترتكز على الزهد وهي طرق متعددة توجد في جميع الدول الإسلامية ولها مسميات مختلف .
ثانياً : أسباب نشأة الصوفية :-
يمكن النظر إلى أسباب نشأة الصوفية و التصوف ـ كراي شخصي ـ من زاويتين :
1. زاوية الزهد و الإعتزال
وهذا يعني أن نشأة الصوفية إرتبط بطغيان النزعة المادية و الدنيوية في المجتمع وهنا تنشئ الحاجة إلى الزهد في الدنيا و إعتزال مجتمع المادة .
2. زاوية الفشل و الإغتراب
وفيه ننظر إلى أن الشخص المتصوف ـ كفرد ـ هو شخص فشل في تحقيق أهدافه و المتصوفة ـ كمجتمع ـ هم مجتمعات فشلت في مواكبة التطور و تحسين الواقع مما يجعل الفرد يعتزل المجتمع و المجتمع يعتزل المجتمعات الأخرى وهنا يظهر التصوف كأداة لتبرير هذا الفشل و التغطية عليه .
ثالثاً : منهج الصوفية
عند النظر إلى طبيعة الصوفية و التصوف من منظور المنهج الإستقرائي أو الحكم الإستنباطي يتضح أن هنالك أربعة مبادئ أساسية تمثل جوهر منهج الصوفية و التصوف تتلخص أهم هذه الطبيعة في المبادئ الأربعة الأتية :
1. مبدأ الزهد
وهو يعني رفض ماديات الواقع و الزهد في ( الدنيا ، المال ، المناصب ...الخ ).
2. مبدأ البساطة
وهو يعني تبسيط الأشياء إلى أدنى صورها ، هذا التبسيط يأخذ بعدين : بعد شكلي وهو يتعلق بشكل الشخص المتصوف بحيث يلبس أدنى الملابس ( مرقعة ، قديمة ) أو بمعنى أخر عدم الإهتمام بالمظهر العام للفرد .
البعد الثاني و هو بعد عقدي وهو يعني تبسيط عقائد و تكاليف الدين إلى أدنى صورها وغالباً ما تختزل الصوفية الإسلام كدين في أذكار تردد أو أوراد و رواتب تقرئ .
3. مبدأ الجماعة
حيث تكون الصوفية في الغالب في شكل مجموعات كبيرة من الأفراد يشعرون بالوحدة و التكاتف و المصير المشترك
4. مبدأ التقديس
يعتقد الصوفي بأنه شخص مقدس ـ قريب من الله ـ و بعيد عن الدينا ـ كما تعمل الأذكار التي يرددونها على زيادة هذا المشاعر ثم تنتقل هذا القدسية إلى زعيم وقائد الصوفية ( الشيخ ) فهو شخص مقدس كلمته نافذة و أقواله حق .
عموماً عند الحديث عن الصوفية ينبغي تدارك أن الحياة تقوم على المتناقضان و التنوع وإختلاف و من هذا الإختلاف تنشئ إفرازات الواقع و طبيعة الإنسانية

مفهوم السياسة في فكر الصوفية
أن من المسلمات البديهية التي إتفق المسلمون عليها في إطار علاقة الإسلام كدين و السياسة كعلم وسلوك هو أن هنالك علاقة قوية بين الإسلام و السياسة فالمسلم سياسي بطبعه لإنه مكلف بعمارة الأرض و الإستخلاف فيها وهذا لا يتأتي إلا عن طريق ساس يسوس سياسة 
.
أولاً : مفهوم السياسة في الفكر الصوفي
يأخذ المفهوم العام للسياسة عند الصوفية بعدين أساسين هما موفق الصوفية من السياسة كعلم نظرى و موقفهم منها كسلوك عملي .
1. السياسة كعلم عند الصوفية :
يرى الصوفية بإن العلم نوعان علم نافع وأخر غير نافع و وفقاً لراى الصوفية فإن الشخص الذي يدرس العلوم السياسية فإنه يدرس علم غير نافع بل وذهب بعض الصوفية إلى تحريم قراءة السياسة .
2. السياسة كسلوك عملي
ينظر الصوفية إلى الحكام و السياسيين بنظرة سلبية إذ يرون بأنهم مجرد مقلدين للكفار او محبي للمناصب و المال و ترف الدنيا و الشخص الذي يتولى منصب سياسي من أحد ابناء او افراد الصوفية يعد بمثابة الردة وخلاصة موقف الصوفية من العمل السياسي يتمثل في أنهم لا يمارسون أي نشاط سياسي و يمنعون الأفراد كذلك من أي منصب .
ثانياً : التنشئة السياسية عند الصوفية
توصف التنشئة السياسية بإنها عملية تعليم الفرد الأشياء السياسية و تلقينه مفردات حقوقه و واجباته من خلال آليات التنشئة السياسية و و فقاً لهذا المفهوم فأن ( الطرق الصوفية ) تعد أحد آليات التنشئة السياسية إلا أنه يلاحظ أن هنالك مجموعة من الأسباب التي تجعل التصوف ـ كآلية للتنشئة ـ لا تؤدى دورها في خدمة المجتمع خصوصاً في الجانب السياسي أهم هذه الأسباب :
1. طبيعة العقل الصوفي 
يبدو أن العقل الصوفي في جوهره عقل راديكالي يميل إلى مبادئ و أفكار غير واقعية تنافئ الطبيعة الإنسانية و تتعارض مع قضية الإستخلاف البشري من خلال المبدأ الذي يقوم على الزهد في أي شيء .
2. سوء مناهج وطرق التربية و التنشئة الصوفية 
تقوم الصوفية على منهج النظر إلى الذات من منظور القصور المطلق و تصديق كل أراء و أقوال الشيخ أو رئيس الصوفية تصديق مطلق حيث ينشئ الفرد في كنف التصوف منذ الصغر وهو ( حافظ ) لأزكار و ترانيم لا يعرف معانيها و المشكلة الكبرى تكمن في أن الشيخ أو رئيس الصوفية نفسه هو شخص غير مؤهل فكرياً وعلمياً ويقابل ذلك عقل صوفي يصدق كل ما يقال و يؤيد كل مواقف الشيخ و الزعيم .
3. الإعتزال المجتمعي
تقوم الصوفية بإعتزال المجتمع فكرياً و إجتماعياً و جغرافياً لذلك تجد معظم مراكز الصوفية في الأطراف و الهامش مما يقلل من فائدتها وتفاعلها .
رابعاً : الصوفية و الفكر السياسي المعاصر
ثمة مجموعة من التحولات و التغيرات دفعت بالصوفية إلى الدخول في عالم السياسة وذلك كجزء من مواكبة التطور ومسايرة الواقع فأصبح للصوفية دور سياسي ومشاركة في الحكومات لكنه دور سياسي سلبي في غالبه فقد تميز بالتأييد المطلق أو المعارضة التامة وغالباً ما يكون تأييد الصوفية للنظام السياسي القائم و معارضتها للأحزاب الأخرى وأصبحت الطرق الصوفية أداة لدعم النظم السياسية القائم ومن خلالها أصبحت عائلات الشيوخ و رؤساء الطرق الصوفي في السلطة أما التابعين و الحيران و المريدين في مبدأ الزهد و قراءة الرواتب و الأزكار الدينية .
و من جانب أخر أدى تزايد عدد الصوفية في كثير من الدول الإسلامية إلى إستقطابهم من قبل الأحزاب و التيارات السياسية فهي فريسة يسهل إفتراسها و لقمة سريعة الهضم
ـــــــ
* أ . عمر يحي أحمد
جامعة الزعيم الأزهري كلية العلوم السياسية و الدراسات الإستراتيجية

حدود العقل في الفكر السياسي الاسلامي


ما هو العقل ؟ 
لا يمكن إيجاد تعريف حقيقي لمفهوم العقل لان الذي يقوم بتعريف العقل هو العقل نفسه فكيف للعقل إن يعرف نفسه بنغسه .؟ 
ثمة خلافات و إتفاقات حدثت بين البشرية حول وظيفية العقل و حدود إستخدامه في جميع الفترات الزمانية ولم يكن الفكر السياسي اﻹ-;-سلامي بمعزل عن هذه اﻹ-;-شكالية و عند النظر إلى خارطة اﻹ-;-عراب السياسي لطبيعة حدود العقل في الفكر السياسي اﻹ-;-سلامي تبرز ثلاثة مدارس رئيسية لحدود العقل وهي : 
1 - مدرسة النقل 
وهي تدعو إلى تحييد العقل أمام النص بغض النظر عن واقعية النص المعاصر و بالتالي تصبح حدود العقل عند عدم وجود النص فمتي ما وجد نص إنتهت الحاجة للعقل ومن ابرز فرق هذه المدرسة الصوفية والسلفية .
2 -مدرسة العقل
وهي تؤمن بمبدأ حاكمية العقل و النظر إلى اﻷ-;-شياء من مدخل العقلانية فالعقل مقدس و النصوص متغيرة و الواقع مختلف فلا حدود للعقل ولعل من أبرز فرق حاكمية العقل في الفكر السياسي اﻹ-;-سلامي هي فرقة المعتزلة 
3 - مدرسة الكليات 
وهي جاءت لتوفيق بين العقل والنقل و النص و الواقع وهي تضم مجموعة من المفكرين والعلماء لا تؤيد هذه المدرسة إتجاه الاستخدام المطلق للعقل او اﻹ-;-قصاء الكامل له وعليه تصبح حدود العقل في تحقيق الغايات والكليات الكبرى و ترك هامشية الخلافات الجزئية بين النقل والعقل .
ثانيا: طبيعة العقل
الشيء الوحيد الذي لا يمكن تقيده هو العقل و الشيء الوحيد الذي يجب تقيده هو العقل حقيقة حتمية تعارضية تدل على التناقض وتكامل إتفاق المتناقضات فمن المسلمات البديهية التي يجب اﻷ-;-خذ بها هي إنسانية العقل و محدودية النص و خصوصية الواقع فالعقل سابق للدين من حيث الاسبقية المكانية و الزمانية و بالعقل يعرف الحق من الباطل والخير عن الشر و بحاكمية المصلحة العامة تتفق اﻹ-;-نسانية و بالنص تظهر الخصوصية .
وعند النظر إلى طبيعة العقل لابد من تخصيص نوعية العقل لتتلائم مع واقع اﻹ-;-شكالية سواء كانت كلية او جزئية لحل معضلة الظاهرة في ميزان العقل وهنالك ثلاثة مستويات للعقلانية وهي 
1 - العقلانية الطبيعية وهي تنشأ من العقل الذي يشترك فيه الجميع
2 - العقلانية المكتسبة وهي تنشأ من خلال تقيد العقل بالنص.
3 - العقلانية المتمردة وهي التي تسعى إلى رفض مسلمات النص و مخلفات النقل والنظر إلى ما وراء النصوص
ثالثا : تقنين حدود العقل في الفكر السياسي اﻹ-;-سلامي
من خلال النصوص الواردة في مصادر الفكر السياسي اﻹ-;-سلامي يتضح إن اﻹ-;-سلام في بعده السياسي لم يمنع إستخدام العقل او العقلانية فقد أطلق حدود العقل إلى أقصى حد لكنه أشار إلى محدودية العقل في فهم اﻷ-;-شياء وتفسير الظواهر كما يبدو إن اول من منع إستخدم العقل في الفكر السياسي هم حكام اﻷ-;-مصار لان ذلك قد يتعارض مع حكمهم و حاكميتهم خصوصآ في ما يتعلق بنصوص شروط الحكم والخلافة و واجبات الراعية و حقوق الرعية .
إن تقييد العقل في بعده السياسي يؤدى إلى تقييد اﻷ-;-مم عن التطور و النهوض و مواكبة الحاضر و اﻹ-;-فتخار بالماضى على هذا اﻷ-;-ساس يجب إستخدام العقل لتطوير واقع المسلمين إعادة ترميم الفكر السياسي اﻹ-;-سلامي مع إحادث تحالف بين العقل و النقل من جانب و النص و الواقع من جانب اخر مع إستصحاب حدود العقل و محدودية العقل للوصول إلى الغايات من خلال تنويع الوسائل.
كنظرة لما وراء العقل 
لا يمكن تقييد العقل اﻹ-;-نساني إلا من خلال إعطاءه اقصى درجات الحرية فمتي ما نال العقل حريته فقد تم تقييده
ــــ
أ ـ عمر يحي ، جامعة الزعيم الازهري ، كلية العلوم السياسية و الدراسات الاستراتيجية

الثورات العربية و أثرها علي الاوضاع في السودان


المقدمة :

يبدوء إن الإنسان بطبعة يميل إلي النمو والتغيير في جميع شؤون حياته علي هذاالأساس يزهب العلماء إلي أن التغيير مهم وضرورة لحياة الإنسان حتي لو كان هذا التغيير من الأفضل إلي السوء ، ولربما إرتبط ذلك بحياة الفرد أو إمتدا ليشمل جميع الأفراد أو ما يطلق عليه المجتمع ومن هنا عرف الإنسان مفهوم الثورة وهي حركة إحتجاجية تقوم ضد وضع محدد غير مرغوب فيه يثار ضده للوصول الي ما هو مطلوب لدي المجتمع و الثورة لا ترتبط بفرد أو مجمتمع محدد بل هي سلوك بشري تعرفه كل المجتمعات خصوصآ تلك التي تعاني من الظلم والفقر مثل الشعوب العربية.

عرفت الشعوب العربية في تاريخها كثير من الثورات وإن كانت في بادي الأمر ترتبط بالثورة ضد الإستعمار الأجنبي الذي تعرضت له جراء حركة الاستعمار الأوروبي الذي بدء من القرون الوسطي ، إستطاعت هذه الثورات أن تحقق اهدافها التي كانت تتمثل في طرد الإستعمار لتأتي مرحلة جديدة هي مرحلة ما بعد الإستقلال تلك الفترة التي شهدت حقبة الحكم الوطني .

وأجهت الدول العربية عدد من الثورات في مرحلة ما بعد الاستقلال والحكم الوطني تميزت هذه الثوراث بالمحدودية والتباعد الزمني غير أن مع أواخر العام 2010 بدأت الثورات العربة من جديد كانت هذه الثورات نقطة تحول في جميع الدول العربية فلم تكن مجرد ثورة داخلية فقط بل اخذت بعد عالمي حتي اصبحت من أهم القضايا الأستراتيجية المعاصرة ، يتناول هذا البحث قضية الثورات العربية بالتركيز على الثورة التونسية والمصرية من حيث اسبابه و ونتائجها مع إستعراض كيفية تأثير هذه الثورات علي العالم و انعكاس على واقع السودان .

بدايات الثورات العربية :

شهدت المنطقة العربية كثير من الثورات منذ فترات بعيدة وإن إختلفت في طريقتها وفترتها وأهدافها ، كانت الثورات العربية في بادئ الامر بيسطة التأثر ؛ بسبب صغر الدولة وربما لم يتعدي مفهوم الدولة في المنطقة العربية مساحة الإمارة أو القرية والمدينة ، ثم ظهر مفهوم الدولة القومية لتتكون علي أثره مفهوم الدولة الحديثة ، يبدوء أن معظم الثورات التي شهدتها المنطقة العربية كانت ضد الإستعمار الأجنبي ثم أخذت الطابع الذاتي فلم تشهد الدول العربية ثورات متتالية كتلك الثورات العربية الأن وهي حركة احتجاجية ضخمة انطلقت في بعض البلدان العربية خلال أوخر عام 2010 ومطلع 2011، متأثرة بالثورة التونسية التي اندلعت جراء إحراق محمد البوعزيزي نفسه ونجحت في الإطاحة بالرئيس السابق ولا زالت هذه الحركة مستمرة حتى هذه اللحظة. نجحت الثورات بالإطاحة بأربعة أنظمة حتى الآن، فبعدَ الثورة التونسية نجحت ثورة 25 يناير المصرية بإسقاط الرئيس السابق محمد حسني مبارك، ثم ثورة 17 فبراير الليبية بقتل معمر القذافي وإسقاط نظامه، فالثورة اليمنية التي أجبر علي عبد الله صالح على التنحي. وأما الحركات الاحتجاجية فقد بلغت جميع أنحاء الوطن العربي، وكانت أكبرها هي حركة الاحتجاجات في سوريا. تميزت هذه الثورات بظهور هتاف عربيّ أصبح مشهورًا في كل الدول العربية وهو: "الشعب يريد إسقاط النظام".

بدأت الثورات في تونس عندما أضرم الشاب محمد البوعزيزي النار في نفسه احتجاجاً على الأوضاع المعيشية والاقتصادية المتردية، وعدم تمكنه من تأمين قوت عائلته، فاندلعت بذلك الثورة التونسية، وانتهت في14 يناير عندما غادر زين العابدين بن علي البلاد بطائرة إلى مدينة جدة في السعودية، واستلم من بعده السلطة محمد الغنوشي وبعدها بتسعة أيام، اندلعت ثورة 25 ينايرالمصرية تليها بأيام الثورة اليمنية، وفي 11فبرايرالتالي أعلن محمد حسني مبارك تنحيه عن السلطة، ثم سُجن وحوكم بتهمة قتل المتظاهرين خلال الثورة. وإثر نجاح الثورتين التونسية والمصرية بإسقاط نظامين بدأت الاحتجاجات السلميَّة المُطالبة بإنهاء الفساد وتحسين الأوضاع المعيشية بل وأحياناً إسقاط الأنظمة بالانتشار سريعاً في جميع أنحاء الوطن العربي فبلغت الأردن والبحرين والجزائر وجيبوتي والسعودية والعراق وعُمان وفلسطين والكويت ولبنان والمغرب وموريتانيا.
في 17 فبراير اندلعت الثورة الليبية، التي سُرعان ما تحولت إلى ثورة مسلحة، وبعد صراع طويل تمكن الثوار من السيطرة على العاصمة في أواخر شهر أغسطس عام 2011، قبل مقتل معمر القذافي في 20 أكتوبر خلال معركة سرت، وبعدها تسلّم السلطة في البلاد المجلس الوطني الانتقالي. وقد أدت إلى مقتل أكثر من خمسين ألف شخص، وبذلك فإنها كانت أكثر الثورات دموية. وبعد بدء الثورة الليبية اندلعت حركة احتجاجات سلمية واسعة النطاق في سوريا في 15 مارس، وأدت إلى رفع حالة الطوارئ السارية منذ 48 عاماً وإجراء تعديلات على الدستور ودفعت المجتمع الدولي إلى مُطالبة الرئيس الحالي بشار الأسد بالتنحي عن السلطة. وفي أواخر شهر فبراير عام2012 أعلن الرئيس اليمني علي عبد الله صالح تنحيه عن السلطة التزاماً ببنود المبادرة الخليجية لحل الأزمة اليمنية، التي كان قد وقع عليها قبل بضعة شهور عقبَ الاحتجاجات العارمة التي عصفت بالبلاد لعام كامل.

أسباب الثورات :
1. القمع والاستبداد
معظم الدول العربية تملك سجلا سيئا في حقوق الإنسان .
2. إفتقاد الشرعية .
فالزعيم الليبي معمر القذافي على سبيل المثال هو أقدم حاكم على وجه الأرض وجاء للحكم بانقلاب عسكري سنة 1969, أيضا في سوريا وصل الرئيس بشار الأسد إلى الحكم خلفا لابيه حافظ عام 2000 في سابقة لم تشهدها الدول العربية في نظام الحكم الجمهوري, حيث تم تعديل الدستور في 15 دقيقة ليناسب عمر بشار ويتمكن من حكم سوريا, أيضا في مصر واليمن كانت هناك رغبات من حاكميها حسني مبارك وعلي عبد الله صالح لتوريث الحكم لأبنائهم جمال واحمد على التوالي لكن سرعان ما اندلعت الثورة في مصر التي اطاحت بمبارك والثورة في اليمن التي اطاحت بصالح.
أما الأنظمة الملكية فكان هناك حكم ملكي مطلق مما أدى لخروج مظاهرات في بعض الدول الملكية مثل البحرين والاردن والمغرب والسعودية وعمان للمطالبة بملكية دستورية ومزيد من الحريات.
3. انتحار البوعزيزي
قام الشاب التونسي محمد البوعزيزي بإحراق نفسه يوم 17 ديسمبر لتكون بذلك شرارة الاحتجاجات في الوطن العربي من المحيط إلى الخليج.
4. انتشار الفساد.
5. وسوء الأحوال المَعيشية . والركود الاقتصاديّ
6. التضييق السياسيّ والأمني وعدم نزاهة الانتخابات في معظم البلاد العربية.
7. إتساع الفجوه بين الشعوب والحكام

أولآ : الثورة التونسية :
اندلعت يوم الجمعة 17 ديسمبر 2010 تضامناً مع الشاب محمد البوعزيزي الذي قام بإضرام النار في جسده في 17ديسمبر 2010 تعبيرًا عن غضبه على بطالته ومصادرة العربة التي يبيع عليها توفي يوم الثلاثاء الموافق 4 يناير 2011 نتيجة الحروق)، أدى ذلك إلى اندلاع شرارة المظاهرات في يوم 18 ديسمبر 2010وخروج آلاف التونسيين الرافضين لما اعتبروه أوضاع البطالة وعدم وجود العدالة الاجتماعية وتفاقم الفساد داخل النظام الحاكم. نتج عن هذه المظاهرات التي شملت مدن عديدة في تونس عن سقوط العديد من القتلى والجرحى من المتظاهرين نتيجة تصادمهم مع قوات الأمن، وأجبرت الرئيس زين العابدين بن علي على إقالة عدد من الوزراء بينهم وزير الداخلية وتقديم وعود لمعالجة المشاكل التي نادى بحلها المتظاهرون، كما أعلن عزمه على عدم الترشح لانتخابات الرئاسة عام 2014. 
تم فتح المواقع المحجوبة في تونس كاليوتيوب بعد 5 سنوات من الحجب، كما تم تخفيض أسعار بعض المنتجات الغذائية تخفيضًا طفيفًا. لكن الانتفاضة توسعت وازدادت شدتها حتى وصلت إلى المباني الحكومية مما أجبر الرئيس بن علي على التنحي عن السلطة ومغادرة البلاد بشكل مفاجئ بحماية أمنية ليبية إلى السعودية يوم الجمعة 14 يناير 2011 فأعلن الوزير الأول محمد الغنوشي في نفس اليوم عن توليه رئاسة الجمهورية بصفة مؤقتة وذلك بسبب تعثر أداء الرئيس لمهامه وذلك حسب الفصل 56 من الدستور، مع إعلان حالة الطوارئ وحظر التجول. لكن المجلس الدستوري قرر بعد ذلك بيوم اللجوء للفصل 57س من الدستور وإعلان شغور منصب الرئيس، وبناءً على ذلك أعلن في يوم السبت 15 يناير 2011 عن تولي رئيس مجلس النواب فؤاد المبزع منصب رئيس الجمهورية بشكل مؤقت إلى حين إجراء انتخابات رئاسية مبكرة.

ثانيآ : الثورة المصرية :

ثورة 25 يناير أو ثورة الغضب هي انتفاضة شعبية اندلعت يوم الثلاثاء25 يناير 2011 م و هو اليوم المحدد من قبل عدة جهات وأشخاص أبرزهم الناشط وائل غنيم وحركة شباب 6 أبريل وهو يوافق يوم عيد الشرطة في مصر). وذلك احتجاجًا على سوئ المعامله خاصه بعد ظهور عديد من التسجيلات المصوره التي تظهر انتهاك رجال الشرطه للحقوق الإنسانيه ولكن سرعاً ما تعاملت الشرطه والامن المركزى بعنف وقامت بستخدام الرصاص الحى كانت البدايه في محافظه السويس مات منها أكثر من 20 شاب مماجعل أهالي السويس تخرج في مظهرات حاشده سرعاً ما تبيعته باقى المحافظات وتحولت المظاهره من احتجاج على قمع الشرطه إلى احتجاج على سوئ المعيشية والبطاله والسياسية والاقتصاد والتوريث وذلك على ما اعتبر فساداً في ظل حكم الرئيس محمد حسني مبارك فلم يكن هنالك أي محرك للثوره حتى النشطاء والمعارضين لم يكن لهم أي ظهور فلقد كانت الثوره على حد تعبير الكثرين هي ثوره ربانيه
كان للثورة التونسية الشعبية التي أطاحت بالرئيس التونسي زين العابدين بن علي أثرٌ كبيرٌ في إطلاق شرارة الغضب الشعبي في مصر.
أدت هذه الثورة إلى تنحي الرئيس محمد حسني مبارك عن الحكم في 11فبراير 2011 م, ففي السادسة من مساء الجمعة11 فبراير 2011 م أعلن نائب الرئيس عمر سليمان في بيان قصير عن تخلي الرئيس عن منصبه وأنه كلف المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شؤون البلاد. 
تولي المجلس إدارة مصر إلي ان تم إجراء الأنتخابات العامة والتي اظهرت فوز جماعة الاخوان المسلمين بالرئاسة ليصبح الرئيس محمد مرسي أول رئيس منخب لمصر بعد الثورة ، لم يستمر كثيرآ محمد مرسي في الحكم وبيدوء أنه قد واجه كثير من العقبات الداخلية والخارجية مما أدي إلي إستمرار المظاهرات والإعتصامات ،فعندما تطورت الحداث أضطرت القوات المسلحة في مصر إلي الإستلاء علي السلطة وعزل محمد مرسي كما اصدرت المحكمة العليا قرار بحظر نشاط جماعة الاخوان المسلمين في مصر وجميع مؤسساتها 

تقييم الثورات العربية : 

أنقسمت الأراء إلي ثلاثة اقوال تقيم الثورات العربية :

القول الأول : هي ثورات عربية خالصة قامت ضد الظلم والفساد .
القول الثاني : خدعة غربية لإعادة هيكلة منطقة الشرق الأوسط بصورة يتلائم فيها مع متطلبات المرحلة المعاصرة أو لتنبؤات مستقبلية .
القول الثالث : هذا الاتجاه هو وسط بين الاثنين ؛ حيث يري بإن الثورات العربية هي ثورات عربية خالصة لكنها شهدتت تدخلات خارجية 

إيجابيات الثورات العربية 

1. إستطاعت أن تكسر حاجز الخوف من الحكام .
2. برهنت فرضية إمكانية التغيير السياسي .
3. أبرزت القوة الحقيقية للشعوب .
4. أدت إلي إحداث ترابط بين جميع الشعوب العربية .
5. ظهور تيار شعبي جديد بين الشباب العربي يدعو إلى إقامة الوحدة العربية بسواعد الشباب .

سلبيات الثورات العربية : 
1. إفتقادها للأهداف الواضحة والمحددة . 
2. عدم وجود قيادة عليا أو بوصلة توجهلقيادة الثورة .
3. البعض بنظر إلي الثورات العربية بإنها جاءت بنتائج عكسية .
4. لم تحدث تغيرات جزرية في بنية المجتمع وهيكل الدولة .
5. أعادت حلقة الصراع بين الغرب والجماعات الإسلامية أو ما يعرف باسم ( صراع الحضارات ) 
6. إنعكاس الثورات العربية علي النظام الدولي :

أولآ : البُعد الإقليمي: 
• سيادة حالة من عدم الاستقرار في منطقة الشرق الاوسط وإختلال الأمن الإقليمي في المنطقة 
• إمتداد حركة الثورات علي جميع دول المنطقة .
• مؤتمر عربي ببيروت لدعم الثورات العربية: 27/2/2011 م: على واقع الإنجازات التي حققتها ثورتا تونس ومصرواتساع رقعة الدعوة لثورات في أكثر من قطر عربي.
• عقد المؤتمر القومي العربي والمؤتمر القومي الإسلامي .
• المؤتمر العام للأحزاب العربية دورة طارئة مشتركة لدعم الثورات الشعبية العربية، بمشاركة نحو 350 شخصية من مختلف الأقطار العربية .
• تأجيل موعد انعقاد القمة العربية التي كانت مقررة بالعاصمة العراقية بغداد في 29 مارس 2011 م نظرا لاستمرار الثورات .

ثانيآ : البُعد الدولي :

• أحدث تغيرات جيواستراتيجية في ميزان النظام الدولي .
• تدهور إنتاج و اسعار النفط عالميآ .
• اصبحت الثورات العربية قضية استراتيجية حظيت باهتمام كل الدول والمنظمات الإقليمية والدولية .
• حدوث صراعات ومواجهات بين القوي الدولية الكبري .
• قالت روسيا أنها قد تخسر ما يزيد عن عشرة مليارات دولار إذا انهارت صفقات أسلحة مبرمة مع دول عربية شهدت أو تشهد ثورات أو احتجاجات شعبية على أنظمتها. 
• أظهر استطلاع شهري للرأي العام في إسرائيل تزايد القلق بعد تتابع الثورات في الدول العربية، وانهيار أنظمة حافظت على الهدوء في المحيط الإسرائيلي لسنوات
• أقرت الإدارة الامريكية بان التغيير في الشرق الأوسط تتم بإرادة شعوبها وليس وفقا لمشيئة واشنطن.

إنعكاس ثورات الربيع العربي علي السودان :

يبدوء إن السودان باعتباره دولة تشترك مع بقية الدولة العربية من حيث اللغة والتاريخ والجغرافيا قد تأثر بما حدث في الدول العربية خصوصآ تأثير الثورة المصرية ؛ فالعلاقة ما بين الخرطوم والقاهرة هي علاقة ترجع إلي فترات ماقبل التاريخ حتي قيل : ( أذا عطست القاهرة أصيبت الخرطوم بالزكام ) يمكن تلخيص أثر ثورات الربيع العربي علي الواقع السوداني في الاتي : 

1. أفقدت النظام الحاكم صفة الشرعية وبالتالي طالبت عُدة جهات بإسقاطه .
2. حدوث تقارب بين القيادة السودانية والقيادات الجديدة في دول الربيع العربي بأعتبارهما زات خلفية مشتركة ترجع إلي جماعات الإسلام السياسي .
3. تحسن العلاقات السياسية والدبلوماسية بين السودان ودول الربيع العربي .
4. دخول السودان ومصر في مرحلة جديدة من العلاقات السياسية ؛ حيث كانت أجهزة المخابرات المصرية هي التي تتولي إدارة العلاقة بين الدولتين .
5. من أبرز مظاهر إنعكاس الثورة المصرية علي السودان ؛ هي زيارة الرئيس محمد مرسي للسودان كأول دولة عربية يزورها .
6. تم طرد حركات التمرد من ليبيا ومصر .
7. حدوث تقارب بين الأحزاب المعارضة في كل من السودان ومصر علي ضرورة إحداث تغيرات في القيادة السياسية .

مستقبل الثورات العربية : 

ـ الثورة كمفهوم وسلوك بشري ستسامر في جميع دول العالم ولن تكن الدول العربية بمعزل عن هذه القاعدة فمتي ماتوفرت الأسباب والشروط اللأزمة لقيام الثورات قامت الثورة .

ـ ستستمر حركة التغيير في الدول العربية عن طريق الثورات أو التغيير المتفزيقي سواءً اخذ هذا التغيير جانب الإستقلال الذاتي أو التبعية للخارج أو التقليد للأخر .

ـ بالرغم من غياب الأهداف الواضحة للثورات العربية مع استصحاب عدم توفرالقيادة السياسية المؤهلة لقيادة الثورة والقدرة علي إحداث تغيرات في مجتمعاتها مما دعي البعض بوصف الثورات العربية بالفشل ؛ يبدوء إنها قد تمثل مرحلة من مراحل التطور في هذه المجتمعات ، وتجربة سياسية يمكن الإستفادة منها في المستقبل . 

الأسس المنهجية لقيام الثورات :

1. توفر الأسباب والمؤهلات والشروط اللازمة التي تدفع نحو قيام الثورات والمطالبة بالتغيير .
2. وضوح الأهداف والخطط والبرامج .
3. تحديد الأهداف وفقآ للأسبقيات والأولويات الخاصة بالمجتمع .
4. أن يكون الغرض من الثورة هو إحداث تغيرات جوهرية وجزرية في بنية المجتمع وهيكل الدولة مع ربط ذلك بالعالم الخارجي .
5. توفر القيادة المؤهلة لقيادة حركة التغيير في المجتمع .
ــــــــــ
الاستاذ . عمر يحي ، جامعة الزعيم الازهري كلية العلوم السياسية و الدراسات الاستراتيجية

هجرة السودانيين الي الخارج واثرها علي الامن القومي السوداني


المقدمة
تحتل جمهوية السودان مكانة ذات أهمية إستراتيجية من حيث المكان و الزمان جعل منها قبلة لكثير من البشرية ـ أفراد ، قبائل ، مجموعات ـ فهاجرت إليها من كل الطرق حتى تكونت الدولة السودانية المعاصرة ، إلا إنه في الأونة الأخيرة برزت عدد من المتغيرات في البيئة الخارجية و المجاورة مثلت بدورها عامل جذب ، فيما شهدت البيئة السودانية الداخلية تغيرات أخرى كانت بمثابة عامل طرد أدت بدورها إلى دفع السودانيين تجاه الخارج فظهرت بدورها قضية الهجرة إلى خارج السودان ، كانت هجرة السودانيين إلى الخارج تتم بصورة بسيطة ولم تكن لها آثار سلبية كبيرة على السودان إلا إن توسع مفهوم الأمن القومي مع تزايد حجم ومستوى ونوعية الهجرة قد جعلها تمثل تهديد مباشر للسودان .

المطلب الأول : ماهية الهجرة 
يتضح من الصعب إيجاد مفهوم دقيق للهجرة ؛ بحيث ترجع هذه الصعوبة بالأساس إلى تعدد المفاهيم المقدمة من قبل الدول و لإختلاف الأغراض والأهداف التي ترمى إلى تحقيقها ، إضافة إلى الصعوبات التي ترتبط بتعريف الهجرة من حيث المسافة التي يقتعها والمدة التي يقطنها ، بهذا يشير المدلول الإصطلاحي للهجرة بإنها تعني الإنتقال من مكان إلى آخر مع نية البقاء في المكان الجديد لفترة طويلة يستثنى من ذلك الزيارة للسياحة و العلاج أو خلافه وبشكل عام ينظر إلى الهجرة على إنها عبارة عن إنتقال البشر من مكان إلى آخر سواءً كان هذا بشكل فردي أو جماعي لأسباب قد تكون سياسية ، إقتصادية ، إجتماعية ، نفسية أو غيرها .
تعرف الهجرة كذلك بأنها عملية إنتقال أو تغيير دائم أو شبه دائم في مكان إقامة الفرد أو الجماعة من مجتمع أو منطقة إعتادوا على الإقامة فيها ـ تعرف بمنطقة أو مجتمع المنشأ ـ إلى مجتمع أو منطقة أخرى ـ تعرف بمنطقة أو مجتمع المقصد ـ إذا كانت كل من منطقتي المنشأ و المقصد داخل حدود دولة واحدة فتعرف الهجرة بالهجرة الداخلية ، أما إذا كانت منطقتي المنشأ و المقصد في دولتين مختلفتين فتعرف بالهجرة الخارجية وهي في الغالب تتجه إلى خارج حدود الدولة. 
المطلب الثاني : أسباب ودوافع هجرة السودانيين إلى الخارج :

تتعدد وتتنوع أسباب الهجرة ولكنها تتجمع كلها لتدل على وجود بيئتين: الأولى طاردة والثانية جاذبة يترتب عليها حركة السكان من البيئة الطاردة إلى البيئة الجاذبة ويدل التحليل النفسي الإجتماعي لهذه الحركة على وجود بعض العوامل في البيئة الطاردة التي تحدث في نفس المهاجر شعوراً داخلياً ينفر بسببه من بيئته الأصلية ويدفعه للبحث عن بيئة جديدة يتوقع أن تكون ظروف الحياة فيها أفضل من الظروف التي يعيش في ظلها في موطنه الأصلي وتشير بعض الدراسات إلى إن المهاجرين يهاجرون للعمل ، بجانب الأسباب الأخرى وعليه يمكن إستعراض أهم أسباب هجرة السودانيين إلى الخارج في الأسباب الأتية :

1. ضعف التنمية و تدهور الوضع الإقتصادي .
2. العائد المادي الكبير الذي يجنيه المهاجر أو المغترب السوداني من الخارج مقارنة بالعائد المحلي 
3. عدم الإستقرار بسبب الحرب التي شهدها السودان .
4. الفساد السياسي وسيادة ظاهرة الوساطة و المحسوبية في الوظائف .
5. إنعدام فرص العمل و البطالة بصورة كبيرة خصوصاً بالنسبة للخريجين .
6. إرتفاع نسبة الشباب في السودان؛ إذ إن غالبية المجتمع السوداني تقل أعمارهم عن 30 سنة .
7. تنامي الشعور بالإغتراب والإنعزال عن المشاركة في الحياة الإجتماعية السودانية.
8. تدهور القدرة الشرائية للمواطن السوداني وقلة دخل الفرد وإنتشار ظاهرة العنف الأسري .
9. شحن الشباب السوداني بمعنويات الحماس والإصرار علي النجاح ؛ بسبب القصص والحكايات التي تروى عن المهاجرين السودانيين في الخارج وما حققوه من عوائد و مكاسب 
10. الحصول على مكانة إجتماعية مرموقة في المجتمع ؛ بسبب تحسن الوضع الإقتصادي فالهجرة في السودان أصبحت تعطى الفرد مكانة عاليا في المجتمع السوداني.
11. تأثير أجهزة الإعلام و تطور وسائل الإتصال بجميع أشكالها ، هذا يتيح فرصة وإمكانية معرفة طرق ومستلزمات الهجرة إلى الخارج .
12. صعوبة الحد من ظاهرة الهجرة مع توسع طرقها وأشكالها إنتشار شبكات التهرييب البشري وقوة نفوذها وتأثيراتها و إفرازات العولمة وطبيعة النظام العالمي الجديد .

المطلب الثالث : الآثار المترتبة على هجرة السودانيين
المحور الأول: أثرالهجرة على تربية ابناء السودانين
ستمد دوافع الهجرة والاغتراب من ماضي الفرد المتروك والتتطلعات المستقبلية المرجوه ويبدو ان اثر الهجرة والاغتراب لايقتصر على الفرد المهاجر فقط بل قد يمتد ليشمل جميع الافراد الذين يعرفهم والجوانب التي تكونه خصوصاً الابناء ويتضح ان الابناء الذين يتأثرون بالهجرة والاغتراب هم ينقسمون الي ثلاثة فئات :
-;- ابناء نشأوا في وطنهم الاصلي السودان ثم هاجروا مع اسرهم 
-;- ابناء نشأوا في بلاد المهجر 
-;- ابناء تمت ولادتهم في وطنهم الاصلي السودان ولم يهاجروا مع اسرهم

ان اثر الهجرة والاغتراب ينعكس على جميع الفئات سابقة الذكر وعليه يمكن تلخيص أهم أثار الهجرة والاغتراب على تربية ابناء المغتربيين السودانيين في الاتي:

1ـ النشوء على التربية الإمومية أو الأنثوية
ان الأب المغترب في الغالب يظل مشغولاً بعمله وجمع المال وتظل الام موجودة طوال اليوم في البيت وهذا يترتب عليه تولي الام عملية تربية الابناء لذلك يرى ان ابناء المغتربيين يميلون الي أمهاتهم اكثر من ميلهم الى ابائهم. 
2 ـ غياب الامن النفسي
وهي حالة تنشأ من خلال نشأة الابناء في بيئة غير بيئتهم مع استصحاب الانعكاسات السلبية علي الاب والام الناتجة من مشاق وطبيعة فراق الوطن والاهل .
3 ـ ضياع هويتهم السودانية
ينشأ ابناء المغتربيين في بيئة متغلبة الأطوار مجهولة الخصائص لذلك يتميز ابناء المغتربيين بالخصائص الاتية :
-;- قلة معرفتهم بتاريخ السودان القديم والمعاصر و بجغرافيا السودان
-;- .جهلهم بعادات وتقاليد السودانيين الاصيلة
-;- .ركاكة لغتهم العربية ولهجتهم السودانية 

4 ـ صعوبة ملائمتهم للوضع في السودان 
تحدث صعوبة الملائمة عندما يعود المغترب الي وطنه السودان وهنا يجد الابناء بيئة جديدة لا يعرف عنها الا القليل وتنقصه الخبرة والتجربة لذلك كانت سياسة حكومة السودان لمعالجة هذا الامر بوضع المغتربيين في نطاق جغرافي مخصص لهم وتم بالفعل انشاء ( حي المغتربيين بالخرطوم ) ويبدو ان هذه الفكرة قد اثبتت فشلها اذ ان عدد المغتربيين الذين يسكنون هذا الحي لا يتجاوز 20% فقط .

المحور الثاني : أثرالهجرة على التعليم في السودان
تؤثر الهجرة على الأمن القومي السوداني في جانبه التعليمي على ثلاثة فئات هي :
-;- أساتذة الجامعات السودانية .
-;- الطلاب السودانيين .
-;- طلاب المهجر ( ابناء المغتربيين ) .
يتمثل أثرها على أساتذة الجامعات السودانية في هجرتهم إلى الخارج و العمل في الجامعات الاجنبية ، أما أثرها على الطلاب السودانيين في الداخل فتتمثل في بُعدين : بُعد مادي يتمثل في زيادة تكلفة التعليم في الجامعات بسبب قدرة ابناء المغتربيين وضعف قدرة الاسر السودانية ، اما البُعد الثاني فهو بُعد معنوي يتمثل في كيفية التعامل مع ابناء المغتربيين مع الطلاب السودانيين
ان الهجرة والاغتراب تجعل الافراد فئة او طائفة تخلف عن بقية المجتمع لذا كان ابناء المغتربيين في هذا الاطار يعانون من مشكلتين هما :

المشكلة الاولي: صعوبة التأقلم مع الطلاب اذ ينظر الي الطلاب المغتربين بانهم ( حناكيس ) ومن جانب أخر ينظر ابناء المغتربيين الي بقية الطلاب بانهم من طبقة دونية 
المشكلة الثانية : وهي اختلاف المناهج التعليمية وطرق التدريس 
هذه المشكلة دفعت الدولة الي ان تنشئ لهم مؤوسسات خاصة فتم انشأ "جامعة المغتربيين" .
وعموماً أن اثر الهجرة والاغتراب ينعكس سلباً على الابناء لانهم هاجروا او اغتربوا دون رغبتهم ووجدوا انفسهم في بيئة متغلبة تنقصها أصالة السودان وسماحته كذلك يلاحظ ميل ابناء المغتربيين الي اللهو وحب الغناء والطرب وسوء المظهر او تعاطي السجائر والمخدرات والخمور وجميع اشكال الترف خصوصاً اذا وجدوا اصدقاء السوء بجانبهم وكيف لا يحدث ذلك وان جميع وسائل الترف والضياع متوفرة وهي عربة بلا رقابة 

المحور الثالث : الآثار الإقتصادية للمهاجرين و المغتربيين السودانيين

ان من اكثر الاسباب التي تجعل الفرد في السودان يهاجر او يغترب هي أسباب إقتصادية في جوهرها تتمثل في الحصول على اكبر قدر من الاموال والثروة وبالتالي يرى المغترب أو المهاجر ان العائد يجب ان يكون اقتصادي تؤثر الهجرة والاغتراب على الفرد والمجتمع السوداني بصورة اكبر وعليه يمكن الاشارة الى هذه الاثار في المؤشرات الاتية :
-;- ستكون غاية الفرد هي الحفاظ علي ثروته وامواله وبالتالي تصبح جوهر حياة الفرد هي المادة والاموال وجمع الثروة وهذا قد يجعل الفرد يدخل حتي في استثمارات ربوية وغيرها او حسب نظرية الاختزال المادي للحياة .
-;- صعوبة الحصول على وظيفة وذلك لان المهاجرين و المغتربين السودانيين لايستطيعوا ان يقوموا بنفس الاعمال التي كانوا يقومون بها في المهجر لان المهاجر يقبل أي وظيفة حتي ولو كانت غير شريفة ولكنه لايستطيع ان يعمل بها في وطنه .
-;- . يؤثر المهاجرين والمغتربين سلباً علي النظام الاقتصادي خصوصاً في الدول النامية ـ مثل السودان ـ وذلك لان معظم اموالهم يتم تحويلها بطرق غير شرعية ( غسيل اموال ) للتهرب من الضرائب والجمارك التي تفرض عليهم من قبل السلطات السودانية .
-;- البطالة الارادية وهي تنشأ من عدم قبول المهاجر او المغترب بالوظائف المتاحة في وطنه السودان في حالة رجوعه لانها اقل اجراً من العائد من وظيفته في المهجر.
-;- الاستثمار السلبي في الغالب يدخل المغتربين و المهاجريين السودانين في استثمارات غير منتجة مثل العقارات و المضاربات المالية شراء الصكوك و السندات الربوية 
-;- ان حجم الاموال التي يعود بها المغتربيين الي دولهم تجعل منهم طبقة منعزلة عن واقع الامة و الدولة وتحول دون ان يؤثروا ايجابيا على دولهم ومن جانب أخر ان قيمة الشخص المغترب او المهاجر عندما يعود الي وطنه ليس في علمه ولا ادبه او ادآبه انما ينظر اليه المجتمع بنظرة مادية ( شخص عندو قروش ) وبالتالي ترتفع قيمة المغترب كلما ارتفعت وكثرت ثروته
-;- ان غياب التجربة والخبرة لدى المغتربين السودانيين عند عودتهم الى السودان قد يؤدى الى ضياع الاموال التي جمعوها بصورة اسرع وهذا بدوره قد يدفع الشخص الى الاغتراب مرة اخرى عن وطنه 
المطلب الرابع : أثر الهجرة على الأمن النفسي لدى السودانيين

تمثل ظاهرة الهجرة والاغتراب واحدة من أهم الظواهر التي برزت في المجتمعات وكثرت حتي أصبحت غاية لي البعض وهدف لدي الشباب وامنية لدي الكثير فان الهجرة من الوطن الام الي دولة أخرى أصبح بمثابة الخروج من الظلمات الي النور او من الفقر الى الغنى ، يسعى الفرد السوداني المهاجر او المغتربعن و هجرته الي الخارج الى تحقيق اهدافه التي يرسمها وامانيه التي يحلم بها واحلامه التي وضعها ولكن المتأمل لاثر انعكاس الهجرة والاغتراب علي الفرد كمهاجر و المجتمع السوداني كمنبع للظاهؤة انها في الغالب تأتي بنتائج عكسية خصوصاً اذا كانت هجرة غير شرعية وعليه يمكن تلخيص أثر الهجرة والاغتراب علي الفرد من منظور علم النفس في المظاهر الاتية : 
المظهر الأول : العزلة الاجتماعية 
عندما يهاجر الفرد الى دولة ما فانه سيعزل نفسه اجتماعياً ويلغي مبدأ ان الانسان كائن اجتماعي وتنتج هذه العزلة بسبب صعوبة تعامل المهاجرين والمغتربين مع المجتمع الجديد لذلك يلاحظ ان معظم المغتربيين السودانيين يظلون طوال يومهم في بيوتهم او مساكنهم او مهم نائميين بعد انتهاء عملهم الرسمي بالمقارنة بمستوى التفاعل الإجتماعي في السودان .

المظهر الثاني : النظرة الاحتقارية
ينظر الى الشخص الغريب في الغالب بنظرة احتقارية من قبل المجتمع الاخر خصوصاً اذا كانت هنالك فوارق لونية او عرقية او لغوية او دينية ، تظهر النظرة الدونية والعرقية اللونية للمهاجرين السودانيين بصورة أكبر في دول الخليج ، و الدينية و اللغوية في الدول الغربية .

المظهر الثالث : غياب الأمن النفسي
تتجسد جوهر الاثار النفسية لدي المهاجرين و المغتربين السودانيين في ما يطلق عليه مصطلح غياب الامن النفسي الذي ينشئ من صعوبة ملائمة وموائمة المغتربين والمهاجرين مع الوضع الجديد والمجتمع المختلف الذي يعيشون فيه غالباً ما يشعر الشخص المهاجر والمغترب السوداني بحالة من عدم الأمان وتزايد معدل الخوف لديه لاسباب واعتقادات مجهولة

المظهر الرابع : ضياع الهوية السودانية 
ضياع الهوية السودانية والذاتية وهي ترتبط بعنصر صعوبة الموائمة فالمهاجرين والمغتربيين لا يستطيعون ان يتعايشوا مع ثقافة وهوية الدولة التي هاجروا اليها ومن جانب أخر يصعب عليهم الحفاظ علي ثقافتهم وهويتهم الاصلية وهنا يميل المهاجروين والمغتربين الي أي ثقافة او هوية وهنا تضيع هويته الذاتية والقومية وقد يصل الامر الي ان ينتحر الفرد او يصبح مدمناً ومتعاطي للمخدرات 
على الشخص المهاجر او المغترب عندما يفرح بالارباح المادية التي حصل عليها فليتزكر حجم الخسائر المعنوية التي فقدها .
ـــــــ
# أ ـ عمر يحي ، جامعة الزعيم الازهري كلية العلوم السياسية و الدراسات الاستراتيجية

اطروحات ما وراء المستحيل في الفكر السياسي الاسلامي حزب التحرير نموزج


المقدمة 
تعد ظاهرة الإسلام السياسي واحدة من أهم الظواهر التي برزت في الاونة الاخير والتي إستطاعت ان تصل إلى الحكم في بعض الدول ، تتمثل هذه الظاهرة في الاحزاب و الجماعات الإسلامية و بعض المؤسسات والتي تستند على منطلقات الفكر السياسي الإسلامي، يعد حزب التحرير من أهم الاحزاب و التيارات السياسية الإسلامية المعاصرة و الذي يدعو إلى تطبيق مبادئ الفكر السياسي و خصوصاً فكرة الخلافة الإسلامية.
نشأ حزب التحرير في منتصف هذا القرن وهي حزب عالمي يوجد في جميع الدول العربية و الإسلامية ، يجئ هذا البحث كتقييم لإطروحة الحزب و مدى صلاحيتها و حدود الواقعية فيها .

إشكالية الدراسة
يستمد الإنسان أهدافه و طموحاته من الواقع الذي يعيشه و المسلمات البديهية التي تتجسد أمامه و كلما كان الإنسان أكثر تعمقاً حول هذه المسلمات و أكثر واقعية و أصبحت أهدافه و طموحاته اقرب إلى التحقيق وهو ما يعرف باسم " الممكن " ، و إن عدم تعمق الإنسان حول هذه الفرضيات و المسلمات و الإيمان بها يجعله يخرج من دائرة الواقعية و الممكن إلى دائرة الفشل و المستحيل .
يبدو إن هنالك بعض الإطروحات الفكرية قد تجاوزت حدود الواقع و مسلمات العقل فهي لم تصل إلى مرحلة المستحيل بل تخطت هذه الدرجة لتصل إلى مرحلة ما بعد حدود المستحيل أو ما يمكن إن نسميه بإطروحات ما وراء المستحيل ، فإلى أي مدى يمكن إعتبار إطروحة حزب التحرير في العالم الإسلامي إطروحة مستحيلة و ماهي حدود واقعيتها في الفكر السياسي الإسلامي ؟ .
المطلب الأول : الخلفية العامة للحزب التحرير

أولاً : الخلفية التاريخية 
تؤكد المصادر إن حزب التحرير قد تأسس في عام 1953م في القدس بفلسطين على يد القاضي الفلسطيني تقي الدين النبهاني ،ثم استطاع الحزب إن ينمو ويتطور بصورة سريعة في الدول العربية و الإسلامية حتي دخل عدد من اعضاءه في البرلمان و مجالس النواب في كل من الضفة الغربية و الأردن عام 1955م وللحزب تواجد في كل الدول الإسلامية و بعض الدول الأوروبية مثل بريطانيا وروسيا و ألمانيا و الدنمارك و دول آسيا كذلك ، يرأس الحزب الآن عطا أبو الرشتة أو ما يسمونه بالأمير .
ثانيا ً : أهداف حزب التحرير 
هنالك هدفين فقط يسعى الحزب إلى تحقيقهما :
1. تطبيق الشريعة الإسلامية كما جاءت في مصادر التشريع الإسلامي .
2. إقامة نظام ( الخلافة الإسلامية ) و إلغاء القومية الحالية .
كانت من أهم الأسباب التي أدت إلى نشوء و ظهور الحزب هي تزايد دور الدولة القومية و إلغاء نظام الخلافة في تركيا على يد مصطفى كمال اتاتورك عام 1924م . 
ثالثاً : المنطلقات الفكرية لحزب التحرير
1. إسلامية النظام السياسي و هو تطبيق نظام الخلافة كما كانت مطبقة في عهد النبي صل الله عليه وسلم و الخلفاء الراشدين .
2. رفض وتحريم بقية الأنظمة السياسية الأخرى .
يتخذ الحزب من القرآن و السنة أول مصادره و منطلقاته الفكرية حول القضايا التي تواجه المجتمع ولعل أهم ما يميز الحزب إنه يمتلك تصور كامل كيفية تطبيق نظام الخلافة ودستور إسلامي مكتوب شارك في إعداده عدد من العلماء و المفكرين المسلمين .
المطلب الثاني : حدود الواقعية في إطروحة حزب التحرير
أولاً : من حيث الهدف
إن فكرة إقامة دولة خلافة بدلاً من الدولة القومية المعاصرة يعد هدف غير حقيقي أو واقعي وذلك لان الدولة القومية الان أصبحت حقيقة حتمية بل إمتدت ليظهر بعدها مفهوم الدولة الأثنية أو القبلية أو العرقية مثل حال كثير من الدول الإسلامية المعاصرة " دولة آل سعود السعودية ، و آل هاشم الاردن ، و الدولة العرقية العربية مثل مصر و الإمارات ليبيا العراق ، إذا كانت معظم الدول تعلن عن هويتها بإنها عربية فكم عدد الدول التي تسمي اسمها بجمهورية ..... الإسلامية أو المملكة ..... الإسلامية ؟ .
ثانياً : من حيث التجربة 
كثيراً ما تركز حركات الإسلام السياسي في تقديم إطروحاتها على تجربة " دولة المدينة " التي كانت في عهد الرسول صل الله عليه وسلم و مرحلة الخلافة الراشدة من بعدها ، وتكمن المشكلة في إن حزب التحرير يدعو إلى تطبيق نظام الدولة الإسلامية و الخلافة على كل المسلمين ، و من خلال إستقراء واقع تجربة الإسلام السياسي يتضح إن عامل الفرقة و الإنقسام كان موجود فكانت هنالك إمارات و أمصار تنتمي إلى دولة الإسلام دينياً و منقسم عنها سياسياً و جغرافياً .
ثالثاً : من حيث مركزية الإنطلاق و الخليفة 
إذا كانت مركز قيادة الدولة الإسلامية يقع في مكة و المدينة و كان الرسول صل الله عليه و سلم هو القائد لها ، فإين ستكون رئاسة و مركز الخلافة الإسلامية حسب نظرية حزب التحرير ؟ .
و السؤال الثاني : من هو الخليفة ؟.
رابعاً : ضعف الخبرة و التجربة للحزب 
منذ نشؤ حزب التحرير عام 1953م لم يستطيع إن يصل إلى الحكم في أي من الدول الإسلامية بإستثناء مشاركته في بعض البرلمانات و المناصب وهي قليلة جداً ، و بالتالي تصبح إطروحات حزب التحرير عبارة عن قوانين مكتوبة و نصوص نظرية لا أكثر .
خامساً : واقع الإسلام المعاصر 
تعاني كل حركات و تيارات الإسلام السياسي اليوم من هجمة فكرية و سياسية كبيرة أفقدتها القدرة على الطرح الفكري و النمو و التطور فكل حركات الإسلام السياسي اليوم هي في موقع المدافع و ليس المهاجم ونظرياتها وتفتقد لمبدأ المبادرة و مواقفها تأتي كرد فعل لمواقف آخرى ، فقد أصبح " الإسلام السياسي " مصطلح يثير كثير من التهكم و السخرية و يرمز للرجعية بسبب التجارب التي خلفتها بعض الحركات و الحزاب الإسلامية التي وصلت إلى الحكم في بعض الدول الإسلامية أو العربية .
المطلب الثالث : مستقبل حزب التحرير في العالم الإسلامي
من المسلمات البديهية في الفكر السياسي هو إنه لايوجد نظام أفضل للحكم في السياسة و أفضل نظام سياسي لدولة ما هو النظام الذي يلبى طبيعة الواقع و يشبع حاجيات الشعب و يؤدى إلى تحقيق الأمن و الإستقرار .
من هذا المنطلق يمكن القول إنه إذا كان نظام " الخلافة الموحد " لرئيس وأحد على كل الدول الإسلامية أو المسلمين قد كان نظام جيد و مقبول في عهده فقد يكون غير مناسب في الوقت الحالي لان الواقع التاريخي لتجربة الدولة الإسلامية قد برهن فشل فكرة دولة الخلافة فتفككت إلى ولايات و ممالك حتي إلغيت بصورة كلية عام 1924م وظهرت على آثارها الدولة القومية الحالية.
يتضح من خلال تحليل منطلقات إطروحة حزب التحرير حول الخلافة إنها غير واقعية و لا يمكن تطبيقها و بالتالي فإن مستقبل الحزب قد يكون مستقبل غير أيجابي قد ينتهى به إلى الزوال و الفناء إلا إذا حدثت متغيرات جديد تؤدى إلى بقاء و إستمراريته ، ويمكن تلخيص هذه المتغيرات في عاملين :
العامل الأول : وهو حدوث " معجزة تؤدى إلى ترابط الدول و الشعوب الإسلامية بصورة كبيرة .
العامل الثاني : تراجع الحزب عن فكرته و الرضوخ للواقع وهذا يعني إعادة صياغة أهداف و منطلقات إطروحة الخلافة الإسلامية .
متطلبات الدولة الحديثة و المعاصرة 
لقد تخطت الإسهامات الأدبية في الفكر السياسي في الوقت الحاضر فكرة الدولة القومية و الدولة الدينية و الدولة الملكية و العسكرية ليتم الحديث عن الدولة الحديثة أو المعاصرة وهي دولة يجب أن تتوفر فيها ثلاثة شروط وهي :
1. الوجود المادي .
2. الأمن و لإستقرار .
3. النمو و التطور .
أولاً : الوجود المادي 
i. وهو يعني إن تكون الدولة موجود فعلياً وهذا يتطلب عنصرين :
ii. وجود حدود جغرافيا وشعب .
وجود حكومة أو سلطة تدير هذه الدولة .
ثانياً : الأمن و الإستقرار 
وهو كذلك يتطلب تطبيق عنصرين :
i. وجود دستور عادل يحدد الحقوق و الواجبات بين الشعب دون أي تميز .
ii. تطبيق نصوص هذا الدستور على أرض الواقع .
ثالثاً : النمو و التطور 
وهو يتحقق من خلال عنصرين 
i. وجود موارد طبيعية للدولة أو الحصول عليها 
ii. وضع خطة و أستراتيجية لإدارة هذه الموارد 
إذا تحققت هذه الشروط الثلاثة لاي دولة أو شعب فإنه لايهم إن تكون الحكومة أو السلطة إسلامية أو دينية أو عسكرية أو غيرها وهذا ما أخفقت فيه معظم الأحزاب السياسية و الفكر السياسي المعاصر
ــــــــــــ
* أ / عمر يحي ، جامعة الزعيم الازهري كلية العلوم السياسية و الدراسات الاستراتيجية