الثلاثاء، 9 يونيو 2015

مقارنة بين تجربة الوحدة في السودان و اوروبا

مقارنة بين تجربة الوحدة في السودان و أوروبا
أ ـ عمر يحي أحمد

واقع التجربة السودانية

مرت التجربة السودانية في الوحدة بمراحل عديدة من قبل ظهور الدولة السودانية  المعاصرة حتي مرحلة ما بعد الاستقلال و استمرت هذه المرحلة حتي انتهت باﺑﺮﺍﻡ ﺍﺗﻔﺎﻗﻴﺔ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺍﻟﺸﺎﻣﻞ ﺑﻴﻦ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻣﻤﺜﻠﺔ ﻓﻲ ﺣﺰﺏ ﺍﻟﻤﺆﺗﻤﺮ ﺍﻟﻮﻃﻨﻲ، ﻭﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻓﻲ ﻳﻨﺎﻳﺮ .2005 ﻓﻤﻨﺬ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ ﻭﺍﻧﻔﺼﺎﻝ ﺍﻟﺠﻨﻮﺏ، ﺗﺸﻬﺪ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻣﺂﺯﻕ ﻣﺴﺘﻤﺮَّﺓ ﻭﻣﺘﺘﺎﺑﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﻄﺎﻕٍ ﻏﻴﺮ ﻣﺴﺒﻮﻕ، ﻭﻣﻨﺎﺥ ﺳﻴﺎﺳﻲ ﻣﺤﺘﻘﻦ ﻭﻣﺘﻮﺗﺮ باعتبارها مرحلة تتطلب الاستعانة بنموذج للوحدة مثل تجربة الاتحاد الاوربي

 من أهم الملاحظات في تاريخ التجربة السودانية في الوحدة هو ان ﻫﻨﺎﻙ ﺍﺳﺘﻘﻄﺎﺏ  داخلي ﺣﺎﺩ ﻭﻣﻠﺤﻮﻅ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ، ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺿﺔ ﺍﻟﺴﻠﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺴﻠﺤﺔ، ﻋﻠﻰ ﺣﺪٍ ﺳﻮﺍﺀ، ﻭﺑﻌﺾ ﻣﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺪﻧﻲ ﻭﺍﻟﺘﻜﺘﻼﺕ ﺍﻟﺸﺒﺎﺑﻴﺔ، ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ . مع تزايد ﺍﻻﻧﺸﻘﺎﻗﺎﺕ ﻭﺍﻻﻧﻘﺴﺎﻣﺎﺕ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ، ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺤﺰﺏ ﺍﻟﺤﺎﻛﻢ ﻭﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ، ﻭﺍﻟﺤﺮﻛﺎﺕ ﺍﻟﻤﺴﻠﺤﺔ، ﻭ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻘﻮﺍﺕ ﺍﻟﻤﺴﻠﺤﺔ ومعظم مكونات منظومة الوحدة السودانية  
                              
وثمة متغيرات تتربع على خارطة الوجود السوداني يتمثل في ﺗﻨﺎﻣﻲ ﺍﻟﻮﻻﺀ ﺍﻟﻘﺒﻠﻲ ﻭﺍﻟﻌﺮﻗﻲ، ﻭﻇﻬﻮﺭ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩﻳﻴﻦ ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﻄﺮِّﻓﺔ ﻭﺗﺼﺎﻋُﺪ ﻧﺸﺎﻃﺎﺗﻬﻢ ﺍﻟﻌﻨﻴﻔﺔ ﻭﺍﻟﻤﺮﻋﺒﺔ . ﻭﻳﺘﺠﻠﻰ ﻫﺬﺍ في اشتعال ﺍﻟﻨﺰﺍﻉ ﺍﻟﻤﺴﻠﺢ ﻭﺗﺪﻫﻮﺭ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻷﻣﻨﻲ ﻓﻲ ﺩﺍﺭﻓﻮﺭ ﺑﻮﺗﻴﺮﺓ ﻣﺘﺴﺎﺭﻋﺔ، ﻭﺍﻟﺤﺮﺏ ﺍﻟﺪﺍﺋﺮﺓ ﻓﻲ ﺟﻨﻮﺏ ﻛُﺮﺩُﻓﺎﻥ ﻭﺍﻟﻨﻴﻞ ﺍﻷﺯﺭﻕ، ﻭﺗﺮﺩِّﻱ ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭﺗﻔﺸﻲ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ، ﻭﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﻟﻤﺘﻮﺗﺮﺓ ﻣﻊ ﺍﻟﺠﻨﻮﺏ و دول الجوار ﻭﺷﺒﺢ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﻳﻠﻮﺡ ﻓﻲ ﺍﻷﻓﻖ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺴُّﻮﺩﺍﻧَﻴْﻦ، ﻭﻓﻮﻕ ﺫﻟﻚ ﻛﻠﻪ، ﻛﻴﻔﻴَّﺔ ﺍﻟﺘﻌﺎﻣُﻞ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺠﻨﺎﺋﻴَّﺔ

معوقات تطبيق التجربة الأوروبية في السودان

هنالك عدد من الاعتبارات التي يمكن تعيق تطبيق تجربة النموذج الاوروبي في السودان يمكن تلخيصها في الاتي :
1.                ﺗﺼﺎﻋﺪ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟمسلح و العمف و ﺍﻟﺤﺮﺏ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ﻭﺍﻟﺠﻨﻮﺏ ومناطق النيل الازرق و جنوب كردفان
2.                ﻏﻴﺎﺏ ﺍﻟﺘﻮﺍﻓُﻖ ﻭﺍﻟﺮﺅﻳﺔ ﺍﻟﻤﺸﺘﺮﻛﺔ ﻟﻠﻘﻮﻯ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ السودانية ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺿﺔ مما يجعله ﻳﺤﻤﻞ ﻣﺆﺷﺮﺍﺕ ﺗﻨﺬﺭ ﺑﺘﻔﺘﺖ ﺍﻟﺴُّﻮﺩﺍﻥ . ككل
3.                لاتوجد بالسودان ﻣﺆﺳﺴﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺷﺮﻋﻴﺔ ﻭﻣﺘﻤﺎﺳﻜﺔ يمكن من خلالها الانطلاق نحو الوحدة  ﻭﺍﻻﻓﺘﻘﺎﺭ ﺇﻟﻰ ﻭﺣﺪﺓ ﺍﻟﻘﻀﻴَّﺔ ﻭﺍﻟﻬﺪﻑ ﻭﺍﻷﺳﺎﻟﻴﺐ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴَّﺔ، ﻭﻣﺎ ﻧﺸﻬﺪﻩ ﻣﻦ ﺍﺳﺘﻘﻄﺎﺏ ﺳﻴﺎﺳﻲ ﺑﻴﻦ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺍﻟﻤﺘﺼﺎﺭﻋﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ، ﻳﺠﻌﻞ ﺍﻟﺨﻂ ﺍﻟﻔﺎﺻﻞ ﺑﻴﻦ ﺳﻘﻮﻁ ﻨﻈﺎﻡ حكم قائم الآن ﻭﺗﻔﻜﻚ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺭﻓﻴﻌﺎً ﺟﺪﺍً .
4.                ﺍﻟﺘﻬﻤﻴﺶ ﻭﺍﻟﻤﻈﺎﻟﻢ ﺍﻟمتجسدة  ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺮﻛﺰ ﻭﺍﻟﻤﻨﺎﻃﻖ المهمشة بالاضافة الي  ﺍﻟﻐُﺒﻦ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻟﻠﻔﻘﺮﺍﺀ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﻀﻌﻔﻴﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺮﻛﺰ ﻧﻔﺴﻪ، ﻣﻤﺎ ﻳﻬﺪِّﺩ ﺑﻨﺴﻒ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ

كيفية تطبيق نموذج الأوروبي في السودان

مقارنة بين خصائص التجربتين السودانية و الاوربية

أخذت إستراتيجية بناء الوحدة الأوروبية ثلاث خصائص رئيسية.
1.    تمثلت الأولى في الانطلاق من القضايا الصغرى والجزئية إلى القضايا الكبرى والإستراتيجية
2.    تمثلت الثانية في عدم النظر إلى قضية الوحدة كمعطى يجب التسليم به منذ البداية، وفرضه في الممارسة اليومية على جميع الدول الداخلة في الاتحاد أو المرشحة له، بقدر ما ظل قيمة عليا يمكن للدول الأعضاء أن تصل إليها بمحض إرادتها ومن خلال تفاعلاتها البينية.
3.    تمثلت الخاصية الثالثة في اعتماد إستراتيجية الدمج التي تميزت بها تجربة الاتحاد الأوروبي، ونجاحه في امتلاك هذا القطب المغناطيسي الجاذب والقادر على دمج دول داخل قطار الوحدة الأوروبية، يبذل في هذه العملية جهدا متبادلا بين الدول التي أسست الاتحاد الأوروبي وبين الدول المرشحة للانضمام إليه.

خصائص الوحدة و الاتحاد في السودان

تقابل هذه الخصائص المميز للتجربة الأوروبية في الوحدة ثلاثة ﺳﻴﻨﺎﺭﻳﻮﻫﺎﺕ ﻟﻠﺘﻐﻴﻴﺮ والوحدة للسودانية كدولة لتطبقها و مقارنتها بالنموذج الاوروبي وهي :

. ﺍﻟﺴﻴﻨﺎﺭﻳﻮ ﺍﻷﻭﻝ :
 ﺍﻹﺑﻘﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻟﺮﺍﻫﻦ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﻤﺮَّ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻟﺮﺍﻫﻦ، ﻭﻟﻮ ﺑﺘﻐﻴﻴﺮﺍﺕ ﺑﺴﻴﻄﺔ ﻭﺳﻄﺤﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟدولة ﻭﺍﻟﻤﻮﺍﻗﻊ ﻭﺑﻌﺾ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺎﺕ، ﺍﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟﻨﺪﺍﺀﺍﺕ ﺍﻹﺻﻼﺡ ﻣﻦ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﺤﺰﺏ ﺍﻟﺤﺎﻛﻢ ﺩﻭﻥ ﻣﺴﺎﺱٍ ﺟﻮﻫﺮﻱ ﺑﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﻭﺗﺮﻛﻴﺒﺔ ﺍﻟﺤُﻜﻢ و المجتمع السوداني .

ﺍﻟﺴﻴﻨﺎﺭﻳﻮ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ : ﺗﻔﻜﻚ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ
ﻳﻔﺘﺮﺽ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﻴﻨﺎﺭﻳﻮ ﺗﺼﺎﻋُﺪ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﻤﺴﻠَّﺢ، ﻓﻲ ﺷﻜﻞ ﺣﺮﺏ ﺍﻟﻌﺼﺎﺑﺎﺕ، ﺃﻭ ﺍﻟﺰﺣﻒ ﻋﻠﻰ ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ، ﺑﻬﺪﻑ ﻣﻤﺎﺭﺳﺔ ﺿﻐﻮﻁ ﻣﺘﻮﺍﺻﻠﺔ، ﺟﻨﺒﺎً ﺇﻟﻰ ﺟﻨﺐٍ ﻣﻊ ﺟﻬﻮﺩ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺿﺔ ﺍﻟﺴﻠﻤﻴﺔ، ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮﻡ ﺑﻬﺎ ﺑﻘﻴﺔ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻴﺔ،

ﺍﻟﺴﻴﻨﺎﺭﻳﻮ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ : ﺍﻟﺘﺴﻮﻳﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﺸﺎﻣﻠﺔ و تطبيق التجربة الأوروبية في السودان

ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﺴﻴﻨﺎﺭﻳﻮ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ ﺃﻥ ﻳﻨﻘﺬ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻣﻦ ﺍﻻﻧﺰﻻﻕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻔﻮﺿﻰ، ﻭﻳﺤﻮﻝ ﺩﻭﻥ ﺍﻧﻬﻴﺎﺭ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ، ﻭﻳﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ ﻭﺣﺪﺓ ﺃﺭﺍﺿﻲ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ . ويفرض ﺃﻥ ﻳﺘﻢ ﺍﻟﺘﺤﻮُّﻝ ﺍﻟﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻲ ﺳﻠﻤﻴﺎً ﺑﺘﻮﺍﻓُﻖ ﻛﻞ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ، بصورة تؤدي الي تطبيق النموذج الاوربي في السودان وذلك من خلال الاتي :
1.    ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﺣﻜﻮﻣﺔ وطنية شاملة هدفها الوحدة و تطوير السودان ككل ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﺳﺘﻴﻌﺎﺏ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﺪﻳﻬﺎ ﺍﻟﺜﻘﻞ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺗﺘﻤﺘﻊ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺷﻌﺒﻴﺔ،
2.    ﺍﻻﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻋﻠﻰ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﻭﻃﻨﻲ ﻳﺠﻤﻊ ﻛﻞ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ، ﺟﻨﺒﺎً ﺇﻟﻰ ﺟﻨﺐ
3.    ﻭﺍﻹﺷﺮﺍﻑ ﻋﻠﻰ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﺍﻻﺳﺘﺤﻘﺎﻗﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺒﻘﻴﺔ ﻹﻧﻔﺎﺫ ﺍﻟﺘﺤﻮُّﻝ ﺍﻟﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻲ، ﻭﺍﻟﺘﻮﺻُّﻞ ﺇﻟﻰ ﺗﺴﻮﻳﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻋﺎﺩﻟﺔ ﻟﻠﻨﺰﺍﻉ ﻓﻲ ﺩﺍﺭﻓﻮﺭ  شرق السودان

قراءة لمستقبل التجربة الاوروبية و السودانية

 أبرز ما ميز تجربة الاتحاد الأوروبي عن تجربة السودان ان حدثت أنها كانت محاولة مستمرة لصناعة كيان لم تكن المؤشرات الأولى تدل على أنه قادر على النمو والاستمرار، بل ومثل نموذجا مختلفا وفريدا في تاريخ تجارب الوحدة في العالم أجمع، في مقابل نماذج الفشل في العالم العربي، ونماذج التجارب الساكنة التي ورثت أوضاعا مستقرة
وتبقى عملية التطور البناء من أبرز سمات التجربة الأوروبية، والتي تحولت فيها من سوق تجارية إلى مجموعة اقتصادية سياسية ثم إلى اتحاد. ونجحت في تقديم رؤى سياسية قادرة على التأثير في كل مرحلة، ودفعها إلى الأمام بصورة لم تكن نقطة البداية التي انطلقت منها تبشر بالوصول إلى الخطوة التالية.
أخذ الحيز الثقافي في التجربة الأوروبية أبعادا مركبة تحمل كثيرا من التعقيد والخصوصية علي السواء، فمن ناحية احتوت الثقافة الأوروبية علي مكونات مشتركة كثيرة وعرفت خبرتها الثقافية في القرون الوسطي وأثناء عصور النهضة تجارب متشابهة.
فإن الاقتراب من التجربة الأوروبية في التكامل يؤكد أنها امتلكت مكونات ثقافية وتاريخية مشتركة كثيرة، ولكنها عرفت في تجاربها وخبراتها الاجتماعية والسياسية الكثير من الصراعات التي حجبت في كثير من الأحيان رؤية هذه المكونات الثقافية المشتركة، كالحروب بين البلدان الأوروبية، أو القطيعة مع باقي الجيران الأوروبيين كما حدث مع بلدان أوروبا الشرقية.
من الصعب اعتبار تجربة الوحدة الأوروبية تجربة وحدوية بنفس المعني في السودان تماما مثلما لانها نتاج للفكر القومي الأوروبي. فقد انطلقت، على عكس التجربة السودانية، من الواقع العملي والمؤسسي المعاش من أجل بناء الكلي والعام المتمثل في الوحدة الأوروبية. هذا الوضع لم يعن بأي حال من الأحوال غياب تصور سياسي ومشتركات ثقافية تجمع بين دول القارة العريقة، بل علي العكس فقد شكلت الرؤية السياسية الشاملة والتاريخ الثقافي المتقارب الإطار العام الديناميكي الذي تحرك في إطاره مشروع الوحدة الأوروبية.
وهنا يكمن الفارق بين تجربة الوحدة الأوروبية و التجربة السودانية فأوروبا لم تتعال عن تفاصيل الواقع المعاش، ولم تتجاهل منذ البداية التباينات، بل وأحيانا التناقضات، الموجودة بين كل دولها تحت شعارات الأخوة الأوروبية أو المصير والتاريخ الأوروبي المشترك، إنما اعترفت بها واعتبرت التعامل الواقعي معها هو نقطة الانطلاق لتأسيس مشروع الوحدة الأوروبية، الذي لم يحكمه الشعار الأيديولوجي إنما الإنجاز الاقتصادي والاجتماعي والثقافي الذي حكمه إطار وتصور سياسي رحب، وليس نصا أيديولوجيا مغلقا.
وفي هذا السياق، وعلي خلاف ما يروج له البعض، لم تنح تجربة الاتحاد الأوروبي الثقافي والسياسي والاستراتيجي من مشروعها، بل علي العكس فقد وضعتها في الإطار الرحب والعام، أي الإطار الصحيح، لكي يشكلوا قوة دفع تساعد على إنجاز التفاصيل الوظيفية والمؤسسية للتجربة لا تحويرها لتدخل قسرا داخل السياسي والأيديولوجي. ولعل هذا ما جعل مشروع الوحدة الأوروبية منذ انطلاقه في عام 1957 محاولة دائمة لصياغة واقع أوروبي جديد ينحو بشكل متدرج نحو الوحدة، ويعمل علي بناء معايير أوروبية شبه موحدة تحاول كل دولة أوربية أن تكيف نظمها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وفقا لها.
تميزت تلك المعايير بأنها تدخل مباشرة في نسيج المجتمع، وتعمل على ضبط أداء مؤسساته وفق معايير تفصيلية شاركت في صياغتها الدول الأوروبية، فهناك معايير سياسية تخص قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان، وأخرى اقتصادية لا تتعلق فقط بمستوي معين من النمو الاقتصادي، وإنما أيضا بقوانين تخص الإعفاءات الجمركية بين الدول الأعضاء والسوق المشتركة، وبقوانين تنظم تصدير الحاصلات الزراعية بين الدول الأعضاء وعملية صيد الأسماك، وأخيرا قوانين تنظم حرية المعلومات والإعلام والأنشطة الثقافية والتعليم.
وهكذا، كانت قوانين تجربة الاتحاد الأوروبي مصوبة أساسا نحو المجتمع، ولم تكن مشروعا فوقيا يضع أهدافا سياسية عليا منعزلة عن الواقع المعاش منا هو الحال في الواقع السوداني . بل على العكس، فقد حاولت التجربة الأوروبية أن تحول مشروعها السياسي إلى قضية مجتمعية، يساهم المواطنون في بلورته. وأصبحت قضية الوحدة بعيدة عن كونها قضية إستراتيجية عليا تخص النخبة، إنما هي قضية شعوب، وبالتالي خاطبت منذ البداية مصالحهم وسعت إلى التعبير عنها ونجحت إلى حد كبير في دمج القيمة العليا المتمثلة في الوحدة الأوروبية في الواقع والهموم اليومية المعاشة.
وفي المقابل، بدت تجربة الوحدة السودانية ، وكأنها قضية نخبوية تعالج القضايا الكبرى للأمة السودانية كالنهضة  و السودنة و نيل الاستقلال و انفصال الجنوب و امكانية الصراع المحتمل كما أمتدت لتشمل القضايا السياسية الكبرى مثل تحرير فلسطين وبناء دولة الوحدة. وبدت وكأنها لا يعنيها منذ البداية مصالح الأفراد أو المواطنين  السودانين الذين يفترض أن يستهدفهم هذا الخطاب.
إن هذه المفاهيم السياسية في اتجاه الوحدة السودانية أدت بها إلى الانتكاس والتراجع، لأنها اختزلت نفسها في الأدبيات الأيديولوجية مثل التعريب و الاسلمة و المشروع الحضاري  دون أن تحاول الاقتراب من الواقع ولم تتخذ النخب السياسية السوداني بالاعتراف بالمواقع الذي به تباينات كثيرة على المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية و الدينية و، وأن الاعتراف بهذه التباينات يفتح الباب أمام اكتشاف الوسائل المناسبة لتقليصها، عبر بناء مشروع للوحدة من أسفل
بالرغم من ان السودان له تاريخ و ارث حضاري قديم لم يسهم ذلك في انتاج وعي بالوحدة و الاتحاد أما في الحالة الأوروبية فقد تم صناعة الوحدة، عبر صناعة الوعي بها مع البدايات المبكرة للحديث عن الوحدة الأوروبية والوعي الأوروبي.
 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أ ـ عمر يحي أحمد 
 جامعة الزعيم الأزهري كلية العلوم السياسية و الدراسات الإستراتيجية ـ السودان


تساؤلات حول الفلسفة العقلية

تساؤلات حول الفلسفة العقلية
* أ ـ عمر يحي أحمد


هل يولد عقل الإنسان مع الإنسان أم يولد الإنسان مع العقل ام يظل ساكنا فيه وما معه من معرفة أو وسيلة تفكير ، ودون فـكـر أو قــوة إدراك ، لا يعرف نفسه بنفسه وما هو بشيء بين الأشياء ، يُعتنى به بالعلم والتفكير دليــله ، والحقيقة مبتغاه ، وأي حقيقة هي؟ حقيقة مجهولة ، يسعَى الإنسان أن يبعد عقله عن الجهل والأمية ، فينطلق باحثا مفكرا بعقله في عقله و بتفكيره لعله يجد نفسه في نفســه أو علماً في عقله فاذا كان في عقل الإنسان علم وفكر فلماذا يفكر بعقله، اويحاول ان يفهــم ما حــولــه بدقة ، فلا يجد حلا قريبا لأن الطبيعة علمته أنما هو فيها متمتع بما فيها دون أن يتعرف على نفسه ، فيريد تركها ليفكر في داخله ، في عقله و ما هو عقل الإنسان وما هو الإنسان .
أن للعقل مراتب كثيرة و ان للإنسان إختلافات متفقة ، وأن في العقل صورة للطبيعة التي أراد الإنسان ان يخرج مـنها ، و صورة أخرى في ما وراء الطبيعة والتي جعلته بفكره منحصرا فيها ، إلا أن هذه الطبيعة غير منحصرة كالأولى ، إذ بالـخــيــال يسبح فيها دون أجنحة ، ويجد فيها صحراء أخرى وشمسا وقمرا وأشجاراً بفاكـهـة لا يــأكــل منها وإن أكل فبخياله ، وإن تطور فبفكره . وجد أن عقله منحصر بخياله فـي خــيـالــه وفــي الطبيعة التي يعيش فيها .
تعلم الإنسان من الطبيعة الثانية التي في عقله بفكره أنه يعيش فيــها بتفكيره وخياله ولم تعرف الإنسان على نفسه ولا على عقله ، ولا يجيب العــقــل أبــدا عــن تــســاؤل الإنسان ، إذ الــعــقــل هو السؤال في الإنسان كما أن الإنسان هو السؤال في الحياة . فـكـيـف الجواب على سؤال بسؤال؟
إنه لحق إذ تميز الإنسان بالعقل ولكن العقل كان أساس تمييزه على أنه إنسان بعقله فقط ، كما تعلم بتمييز عقله أنه في حمقه وجهله بفقد تمييز فكره ، وقد انطلق منذ بدايته باحثا عن المعرفة لتنمية أفكاره ، وكان بحثه دليلا على جهله . إن الجهل أول شيء يعرِّف بالعلـم ، واخــتــلاف العلم أول دليل على الجهل ، ثم إن العلم منحصر فيما يتوصل إليه الإنسـان مــن مــعــرفــة ،فهل الإنسان يفكر بالعقل أم العقل هو من يفكر بالإنسان وبانحصارهم ينحصر التفكير إذ أن التفكير يعيش كالإنسان في عالم العلم و المعرفة فيقف العقل حائرا في عالمه كما يقف الإنسان حائرا في طبيعته لماذا ؟
إن الحيرة والتساؤل أول راية حملها الإنسان منذ نشأته ، حملها بجهل إذ كيف يحير ويتساءل وهو معترف بقوة عقله و جاهل بحقيقة عقله ، وأنه يعرف الخطأ والصواب بمجرد ما يكتسبه من تـجــربــة . وإذا عرف الإنسان جهله فقد عرفه بعلم ، وهو يكتشف الجهل بما لديه من علـم والخطأ بــمــا لديه من صواب ، وهذا دليل أنه ليس لديه علم عن الجهل ، ولا علم عن العلم .
ثــم ألا يــمكــن أن يكون الإنسان عالما بالجهل فقط؟ لأنه لا يجد الحلول الكاملة لأسئلته ، وأنـه إنــما يــســعَى لإقناع نفسه بما يعرف ، ويحصر المعرفة فيما لديه من علم ومعرفة خوفا من تعقيـد الأشــيــاء وفقدان صفة التميز بالعقل انها منظومة للهيمنة الدوماغية العقلية باعتبار ان الإنسان في صراع مع عقله كما ان العقل يتصارع مع الأنسان و المجتمعات تتصاع فيما بينها بين الطبيعة و ما وراء الطبيعة وطبيعة قوى الطبيعة فهل الإنسان يمتلك عقلاً أم ان العقل هو من يمتلك الإنسان ولماذا ؟
يمكن أن تحل إشكاليات العقل البشري عندما يصبح الفكر الإنساني سابق لوجود الإنسان وليس أسبقية وجود الإنسان قبل الفكرة ولما لم تحدث هذه الفرضية فقد ارتكس الإنسان كآلية للتفكير في حمأة الجاهلية والبدائية المتفزيقية بصورتيها البسيطة و المركبة، ملأت الهواجس والأوهام اللاهوتية قلبه وعقله واستبد به الخوف من الظواهر الطبيعية وقوى الطبيعة برقا ورعدا وخسفا وزلازل وعواصف ، وأخذ به الرعب والرهبة من الموت والمصير والمجهول كل مأخذ ، فأقبل الإنسان على نفسه ينسج لها استجلابات للطمأنينة ، و خيالات للتصورات والأساطير والخرافات .
فتراكم بذلك لدى البشرية على مر السنين ، تراث ضخم من المعتقدات السابقة للفكر الإنساني و التي اتخذت فيما بعد مادة للتفكير والاستقراء ، والبحث عن الذات أصلا ومآلا، وعن الكون والطبيعة و ما وراء الطبيعة ماضيا ومستقبلا . ثم تحول هذا التراث العقلي إلى قاعدة للفكر الديني الوضعي المفضي إلى عبادة الأوثان والنجوم والكواكب ، واتخاذها آلهة 
ثم بعد ذلك اتُخذت هذه المعتقدات الدينية منطلقا ومادة للتفكير الفلسفي الذي نُقل إلى اليونان وتطور فيه وظل مجردا من أهم أداتين للفهم هما :
فلسفة المعرفة المادية الصحيحة لحقائق الطبيعة بسبب التخلف العلمي آنذاك و فلسفة المعرفة الغيبية اليقينية .
أن ما ذهب إليه أفلاطون في مدينته الفاضلة التي اتخذت مظهرا خياليا قوامه اعتبار السلطة عملا معجزا لا يستطيع القيام به إلا أفراد ملهمون ، لهم على بني جنسهم تميز خاص يصلهم بالعقل الفعال ويجعلهم قادرين على تحقيق السعادة لشعوبهم ثم تطور الفكر السياسي الأرسطي باستحداثه فكرة الدولة الدستورية ، التي تبنى علاقات شعبها بالحاكم على أساس الحرية والمساواة والمواطنة المشتركة بين أحرار ؛ مما جعل الدولة مجرد اتحاد أفراد في مجتمع واحد تحت حاكمية القانون الذي حل محل الملك أو الفيلسوف أو النبي . وما سار عليه الفكر السياسي الروماني الذي ميّز بين الدولة والفرد ، وجعل لكل منهما حقوقا وواجبات ، وبلور فكرة سيادة الدولة ونظرية العقد الإجتماعي ، ونظرية القانون الطبيعي التي وضعها " شيشرون " على أساس أن للكون خالقا واحدا ، وأن للدولة قانونا واحدا يجب أن يطبق على الجميع .
أن الفكر البشري عامة والسياسي خاصة منبثق من الخرافة والأساطير والأوهام اللاهوتية و المتفزيقية وعلى هذه الأساس نشأ الفكر الفلسفي وتطورت، مادة بحثه لخيالات البشر وأساطير الخرافة وأوهام مفتقدا لأهم وسائل الاستقراء والدراسة والفهم وعاجزا عن تحقيق هدفه في كشف حقيقة الكون وطرق السعادة إن هذه المعتقدات هي المنشأ الأول والمبدأ الأساس لكل فلسفات البشرية الوضعية في فترة ما قبل اليونان و على هدي هذه المعتقدات الدينية المتفلسفة والتصورات المضطربة ، سار الفكر السياسي وعلى أركانها تأسس لمفاهيم الدولة والعدل والحياة السعيدة و المساواة و الواقع ان هذه المفاهيم نفسها أصبحت مفاهيم يوتوبيا متصورة الوجود في عقلية الإنسان مختفية الامتثال في الواقع وذلك لانها أفكار جاءت بعد وجود الإنسان وهنا أصبحت إشكالية و لا يمكن أن تحل إشكاليات البشرية والعقل البشري إلا عندما يصبح الفكر الإنساني سابق لوجود الإنسان
.ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أ ـ عمر يحي أحمد 
جامعة الزعيم الأزهري ، كلية العلوم السياسية و الدراسات الإستراتيجية 

السموء الانساني


.تتجسد روعة الحياة في ذلك الكائن البسيط الذي يسمى باﻹنسان وتستمد الحياة جمالها وروعتها من ذات اﻹنسان والسموء اﻹنساني يعني الترفع إلى مقامات أعلى من مرامى البصر وحدود العقل فتصبح الحياة روعة بوجود أشخاص متفائلين دومآ في الحياة وهم مختلفون تمامآ عن عامة البشر عندما يسموء اﻹنسان بنفسه فإنه يرى الكون بأثره روعة و جمال تنبع إصولها من طبيعة الحياة
إنسان يبتسم في وجوه اليأسين و يضحك أمام الكل وكأن شفتاه لم تخلق إلا لﻹبتسامة و وجهه لم يكن إلا للبشاشة وعند الفجر يرسل الصباح أشرعة الضوء فتخالط روحه و تغنى العصافير بصورتها وخرير الماء يشدو
يتسامى الفرد بإنسانيته فيرى الجمال في كل شخص و الكمال في كل شيء لا يحقد على اي شخص و لا عيب إلا عندما نعيب اﻷخرين وعندما يقف أمامه شخص يتزكر لو أنه كان في مقام ذات الشخص فكيف يحب ان يعامل أو يتزكر وقوفه أمام الله و ما أعظم الوقوف أمام الرحيم فيشعر بحاجة إلى التسامي إلى ما بعد اﻹنسانية فيرى نفسه مقصرآ في حقوق اﻷخرين راغبآ في المزيد يعيش على العطاء ويموت على البزل.
الحقد .....الكراهية ....حب الذات .... اﻷنانية ... الطمع ... البخل .... مصطلحات لا توجد في قاموس الإنسان السامى و القلب المتسامي أشخاص غير عادين يقابلونك في دروب الحياة و محطات اﻹنسانية يشعرونك بأن الحياة بخير ...
تسامى بإنسانيتك ولو لمرة واحدة او في لحظة عابرة فالناس مشتركون في اﻹنسانية مختلفون في فرعيات بسيطة
هنالك أشخاص فقراء جدآ لا يملكون شيء سوى المال الكثير وقلوبهم جبلت على حب المال الثروة غايتهم و اﻷنانية ديدنهم يعيشون وهم أموت ويموتون وهم احياء فتراه عبؤس الوجه يائس ... مريض في قلبه... في بدنه .... مريض في إنسانيته... ولا علاج إلا بتسامي اﻹنسان و اﻹنسانية الحياة خلقت من أجل اﻹنسانية ومن لم يستطع إن يسموء بإنسانيته يجب إن لا يزاحم الناس في الحياة
بين بزوغ الفجر ومغيب الشمس تحسس إنسانيتك لتذهب إلى منامنك وأنت خالي الهم لا تحمل حقدآ ... ولا ظالمآ ... هادى البال ... مطمأن النفس ... منشرح الصدر ... تنام ببدنك على اﻷرض ... و تتسامي بروحك و إنسانيك إلى السماء ... إلى ما وراء اﻹنسانية ... وعندها يصبح التسامي و التسامح جوهر الحياة وتصبح #‏الحياة_أجمل_مما_تبدو .

المدينة الفاضلة حق من حقوق الانسان


عندما يذهب الناس إلى الراحة و تنظر اﻷعين إلي السماء و تهدأ اﻷصوات وينتشر الصمت ﻣﻦ ﻣﻨﺎ ﻟﻢ ﻳﺤﻠﻢ ﺑﻤﺪﻳﻨﺔ ﻓﺎﺿﻠﺔ ﺗﻜﺴﻮﻫﺎ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﻭﺗﻌﺘﻠﻴﻬﺎ
ﺍﻟﻤﺒﺎﺩﺉ ﺍﻟﺴﺎﻣﻴﺔ والقوانين اﻹنسانية ﻻ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ ﺍﻟﺨﺎﻧﻘﺔ، ﺗﻠﻚ ﻫﻰ ﺫﺍﺕ ﺍﻷﺣﻼﻡ
ﺍﻟﺘﻰ ﺣﻠﻢ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻔﻴﻠﺴﻮﻑ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ﺃﻓﻼﻃﻮﻥ ﻟﻤﺪﻳﻨﺘﺔ ﺍﻟﻔﺎﺿﻠﺔ ﺍﻟﺘﻰ تصورها إنها مدينة
ﺧﻠﺖ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﻘﺎﺩ ﻭﺍﻟﺸﺮﻭﺭ والجهل الفساد، ﻋﺎﻟﻢ ﺁﺧﺮ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﺬﻯ ﻧﺤﻴﺎ ﻓﻴﻪ
ﺗﻤﻨﻴﻨﺎﻩ ﻭﺃﺑﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﻄﺒﻘﻪ .
عندما يصبح اﻹنسان لوحده فانه ينتج اسمى الافكار و اصدق المشاعر الراحة لدى اﻹنسان احيانآ تكون في قدرته على إعتزال المجتمع و الواقع ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﻔﺎﺿﻠﺔ ﻫﻰ ﺃﺣﺪ ﺃﺣﻼﻡ ﺍﻟﻔﻴﻠﺴﻮﻑ و اﻹنسان ﺃﻓﻼﻃﻮﻥ إنه عالم إعتزل المجتمع فنمت فيه مشاعر الخير و مخيلة الوجود و اﻹنسانية ومن هذه المشاعر ظهرت المدينة التي يجب إن يعيش فيها كل شخص يحمل في دواخله بزور الخير واﻹنسانية ﻭﻫﻰ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺗﻤﻨﻰ ﺃﻥ ﻳﺤﻜﻤﻬﺎ ﺍﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﻭﺣﺪﻫﻢ، ﻭﺫﻟﻚ لاﻧﻬﻢ بﺤﻜﻤﺘﻬﻢ ﺳﻮﻑ ﻳﺠﻌﻠﻮﻥ ﻛﻞ ﺷﻰﺀ ﻓﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻣﻌﻴﺎﺭﻳﺎ ﻳﺘﻢ ﺗﻄﺒﻴﻘﻪ
ﺑﺤﺮﻓﻴﺔ ﺗﺎﻣﺔ، ﻭﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻴﻪ ﺳﺘﻜﻮﻥ ﻓﺎﺿﻠﺔ .
ﻓﻔﻰ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻳﺠﺪ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻦ ...ﻭﺍﻟﻤﻘﻴﻢ ...ﻭﺍﻟﺰﺍﺋﺮ الصغير .... الكبير ... الرجل .... المرأة ﺃﺭﻗﻰ ﻭﺃﻛﻤﻞ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﺨﺪﻣﺎﺕ ﻭﺑﺄﺳﻠﻮﺏ ﺣﻀﺎﺭﻯ و إنساني ﺑﻌﻴﺪﺍً ﻋﻦ ﺍﻟﺘﻌﻘﻴﺪ ﻭﺑﻌﻴﺪﺍً ﻋﻦ ﺍﻟﺮﻭﺗﻴﻦ ﻭﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺗﺴﻮﻳﻒ ﻭﺑﻌﻴﺪﺍً ﻋﻦ ﺳﻮﺀ ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ بعيدآ عن كل شركانت فلسفة ﻤﻘﺘﺮﺡ ﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻭﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻋﻦ ﻛﻞ المدن ﻟﻴﺲ
ﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﻓﻰ ﺍﻟﻤﻈﻬﺮ ﺍﻟﻌﻤﺮﺍﻧﻰ ﻓﻘﻂ ﺑﻞ ﻓﻰ ﻛﻞ ﺷﻰﺀ، ﺍﻟﻤﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻯ ﻭﺍﻟﺴﻜﺎﻧﻰ ﻭﺍﻷﺩﺍﺀ ﺍﻟﺨﺪﻣﻰ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﻰ ﻭﺍﻟﺨﺎﺹ، ﻣﻘﺘﺮﺡ ﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺃﺳﺎﺳﻬﺎ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻧﻔﺴﻪ ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻥ ﻣﺴﺌﻮﻻ ﺃﻭ ﻣﻮﻇﻔﺎ ﺃﻭ ﻋﺎﻣﻼ ﻛﺒﻴﺮﺍ ﺃﻭ ﺻﻐﻴﺮﺍ ﺭﺟﻼ ﺃﻭ ﺍﻣﺮﺃﺓ
المدينة الفاضلة ليس حلمآ مستحلا او فلسفة يوتوبيا او قصص لاهوتية بل هي حق من حقوق اﻹنسان و اﻹنسانية قد تتحقق في يومآ ما ولو في أبسط معاني الفضيلة ومهما طال الزمن ولكنكم تستعجلون