الجمعة، 29 أغسطس 2014

الصورة العكسية للتربية والتعليم


اصبحت التربية والتعليم في الوقت الحالي وسيلة من وسائل تثبيت الهيمنة الاجتماعية والسياسية وما التنشئة الاجتماعية المدرسية والجامعية الا عملية مقصودة تستهدف ديمومة الوضع الراهن لاي نظام والحفاظ عليه وتثبيت قيم ودعائم الاستقرار من خلال تنشئة الأفراد تنشئة متطابقة مع المجتمع وبهذا يمكن القول إن التربية هي أداة من أدوات السيطرة الاجتماعية التي يملكها المجتمع إن لم تكن أداته الرئيسية وبهذا يمكن مقارنتها حتى بأدوات القسر المباشر التي توجد في حوزة أي مجتمع. وكل الاختلاف بين التربية وبين هذه الأدوات الأخرى، هو أن التربية تستعمل بهدف كبت الظواهر السلوكية غير المرغوب فيها اجتماعيا، ومنع وقوعها على حين أن أجهزة القسر الأخرى تتولى قمع تلك الظواهر بعد استفحالها.
التعليم الحالي في الوطن العربي من منظور واقعي تعليم صفوة وليس تعليما ديمقراطيا، يقوم على أساس الفرض والإرغام وليس على التفاعل والمشاركة. يلقن الطالب التكيف مع المجتمع والاستسلام لحضارة عصر الصناعة وينفر من الاستقلال والاعتماد على النفس والتحدي حتي اصبح التعليم ليس وسيلة للحراك الاجتماعي وليس وسيلة للمساواة بل أداة لتقنين عدم المساواة والمحافظة على الفروق الطبقية الموجودة وهنا قد يلزم الدعوة إلى رفض التعليم البنكي والرسمي الذي يتحول فيه الدارسون إلى بنوك تودع في أذهانهم المعلومات الميتة وتستعاد أثناء فترة الاختبارات بصورة ميكانيكية عديمة الجدوى ويبدو ان إحداث تغييرات جذرية في التعليم تقوم على منهجيات الحوار، وإثارة الوعي، والتحرر، ورفض القهر والصمت، والثورة على النظم الفكرية والايديولوجية الراديكالية القائمة.
ان انتشار التعليم والتربية من مدارس وجامعات وانتشار الجهل والامية والفساد يجعل انتقاد مؤوسسات التربوية والتعليم الحديثة بوصفها مؤسسات مسؤولة عن إعادة إنتاج العلاقات الاجتماعية عن طريق العنف الثقافي المؤسس على معايير ثقافية خاصة بالطبقة المسيطرة، رغم محاولات إبراز هذه المعايير بأنها معايير فنية محضة. وينتقد التعليم في اهتمامه بإنتاج أنماط من الوعي والقيم والسلوك تتراوح بين الاغتراب والمسايرة والنمطية، حتى يسهل استغلال مخرجاته وإخضاعهم للقيم الهرمية الموجودة في سوق العمل الرأسمالي والبرجوازي للطبقات الغنية مع تزويد الطبقات الفقيرة بقدر من المهارات الفنية والقيم التي تجعلهم في واقع يتقبلون به استغلالهم وحرمانهم، و يتعرضوا لشبح البطالة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق