الخميس، 27 نوفمبر 2014

اساليب الحرب النفسية


تستخدم في الحرب النفسية عدد من الاساليب يمكن استعراضها في الاتي

أولاً : إثارة الرعُب والفوضي

تستخدم طريقة إثارة الرعب إستغلال عاطفة الخوف لإرهاب الشعوب وإخضاعها من خلال استخدام جميع الوسائل المختلفة بغرض التأثير علي قواها المعنوية والنفسية اما مفهوم الفوضي فهو يشير الي فقدان النظام والترابط بين أجزاء مجموعة أو جملة أجسام سواء كانت جملة فيزيائية أو مجتمع إنساني أو اضطرابات قبلية أو سياسية مثل فقدان الأمن في منطقة معينة.

نظرية الفوضي الخلاقة
   الفوضى الخلاقة  هو مصطلح سياسي عقدي يقصد به تكوين حالة سياسية أو إنسانية أو نفسية مريحة بعد مرحلة فوضى متعمدة الإحداث
على الرغم من وجود هذا المصطلح في أدبيات الماسونية القديمة حيث ورد ذكره في أكثر من مرجع وأشار إليه الباحث والكاتب الأمريكي دان براون إلا أنه لم يطف على السطح إلا بعد الغزو الأمريكي للعراق الذي قادته الولايات المتحدة الأمريكية في عهد الرئيس جورج دبليو بوش في تصريح وزيرة خارجيته كوندوليزا رايس في حديث لها أدلت به إلى صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية في شهر فبراير2005م .

 من نمازج الفوضي الخلاقة الآن
    ما يحدث في مصر وليبيا وتونس وسوريا اما الصومال وافغانستان فقد سُحقت معالمهما تماما، فلم يعد من شدة الصراع في داخلهما بين الشعب الواحد أي بصيص امل في ردهما واحترام انسانية انسان او حياة يعيش فيها، فقد نشأت اجيال على ذلك الصراع، بل نشأت الاجيال على البندقية والمدفع والصاروخ

نظرية توازن الرُعب
    تطلع هذه النظرية على وضع يكون باستطاعة طرفين فاعلين يهديد أحدهما الآخر جدياً بالدمار. ولا حاجة إلى أن تكون تلك القدرة شاملة لكن يجب بالتأكيد أن تكون غير مقبولة من قبل الطرفين المعنيين. و لكي يكون التوازن مستقراً يجب أن لا يكون أي طرف قادراً على تجنب عواقب الدمار، كأن يستبق الضربة الأولى ومن دون سابق إنذار. وتفهم الحالة التي تطلق عليها عبارة توازن الرعب عادة على أنها تكون بين الدول، وإبان الحرب الباردة كان يفهم منها بأنها تشير على وجه التحديد إلى علاقة الردع النووي بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي سابقاً. على أنه بما أن الرعب هو حالة ذهنية فإن أي تهديد بالعقاب يمكن أن يولد مثل تلك النتيجة. فمن حيث المبدأ يمكن القول إن توازن الرعب قد يوجد بين عناصر فاعلة من غير الدول، مثل الجماعات الإرهابية.


ثانياً : إفتعال الأزمات

يطلق عليها اسم الإدارة بالأزمات أوافتعال الأزمات، وإيجادها و يطلق البعض عليها علم صناعة الأزمة للتحكم والسيطرة على الآخرين. والأزمة المصنوعة في إطار الحرب النفسية تهدف الي التأثير علي نفسيات ومعنويات الخصم ، ومن أهم شروط اسلوب إفتعال الازمات وأهم مواصفاتها هي:
-      الإعداد المبكر
-      وتهيئة المسرح والبيئة
-      وتوزيع الأدوار على قوى صنع الأزمة
-      واختيار التوقيت المناسب لتفجيرها، وإيجاد المبرر والذريعة لهذا التفجير

  للأزمة المصنوعة إيقاع سريع متدفق الأحداث، ومتلاحق التتابع، ومتراكم الإفرازات والنتائج، وكل منها تصب في سبيل تحقيق الهدف المراد الوصول إليه، فلكل أزمة مصنوعة هدف يتعين أن تصل إليه، وبدون تحقيق هذا الهدف لن يتلاشى الضغط الأزموي، أو يخف التأثير العنيف الصاخب لإفرازات الأزمة، وكذا لن تهدأ قوى صنع الأزمة أو تتراجع حتى تحقيق هذا الهدف.

ومن ثم وللتعامل مع الأزمات المفتعلة أو المصنوعة يتعين أن تحصل على إجابات سريعة ووافية عن الأسئلة التالية:
1.   كيف ظهرت الأزمة وتطورت أحداثها؟
2.   من هم الأطراف الصانعة للأزمة سواء العلنيون أو الذين يعملون في الخفاء؟
3.   لماذا تم صنع الأزمة في الوقت الراهن؟
4.   ما الهدف الذي تسعى إلى تحقيقه قوى صنع الأزمة؟
5.   ما المدى الذي لا يتعين أن تتجاوزه قوى الضغط الأزموي؟ وما هي المحاذير الموضوعة لكل منها؟ والحدود المتفق عليها بينها؟


مراحل إفتعال الأزمات كاسلوب للحرب النفسية

1.   مرحلة التعرف علي الازمة او افتعالها
تقوم عملية إفتعال الأزمات على خلق أزمة وهمية يتم من خلالها توجيه قوى الفعل السلوكي أو إستغلال ازمة صغيرة موجودة
2.   مرحلة إنماء وتصعيد الأزمة
وهي مرحلة التعبئة الفاعلة والمكثفةوحشد كل القوى المعادية للكيان او الدولة المستهدفه نيله بالأزمات العنيفة، من خلال مجموعة متكاملة من التكتيكات تتلخص في ثلاثة أشكال :
تكتيك التصعيد الرأسي:
وهي تقوم على الدفع المباشر لقوى صنع الأزمة وزيادة قدرتها وقوتها، وتكثيف تواجدها في منطقة صنع الأزمنة، و بشكل سريع متعاظم لتأكيد التفوق الكاسح لقوى صنع الأزمة ولعدم تمكين الطرف الآخر من التقاط الأنفاس، والرضوخ للتهديد الصريح العلني للقوة الضاغطة لقوى صنع الأزمة، وزيادتها ونموها ذاتياً مع الوقت.
تكتيك التصعيد الأفقي:
ويقوم على كسب مزيد من الأصدقاء والحلفاء والمؤيدين لقوى صنع الأزمة، وانضمامهم لها في عملية زيادة الضغط الأزموي، واتساع وتوسيع نطاق المواجهة لتشمل مجالات جديدة ومناطق جديدة، وأبعاداً جديدة متسعة، تجعل من عملية مواجهة الأزمة عملية معقدة وصعبة تستنزف الكيان الإداري الذي تم صنع الأزمة لديه، وتقوض دعائمه وتهدم أركانه وبنيانه.
تكتيك التصعيد الدائري المتراكم:
وهذا النوع من التكتيكات ذات الطبيعة الخاصة التي تستخدم في صناعة الأزمات بشكل فعال لزيادة الضغط الأزموي، وإرباك الطرف الأخر إرباكاً شديداً. حيث يتم التصعيد للأزمة باستخدام كافة الأدوات والوسائل، والتخفيف مرحلياً، والتصعيد بشكل كامل ويتخذ هذا التكتيك في الحرب النفسية الاسس الاتية :

-      قطع المساعدات وفرض الحصار الاقتصادي على الكيان الإداري، سواء كان دولة أو مؤسسة أو شركة، أو حتى أسرة، وإحداث إرباك مالي ونقدي وعيني، وإشعار كافة المستفيدين من هذه المساعدات بأهمية التخلص من هذا الطرف
-      استخدام الوثائق والمستندات الحقيقية، أو ذات التزوير المتقن لتأكيد صدق الشائعات السابق إطلاقها في المرحلة الأولى، وتسريب بعض منها إلى أجهزة الإعلام الدولية الواسعة الانتشار.
-      افتعال الأحداث وتنميتها وتصعيدها بشكل كبير لإيجاد المبرر للتدخل العنيف ضد الكيان ، أو ضد قيادة هذا الكيان.

3.   مرحلة المواجهة العنيفة والحادة:
وهي تلك المرحلة التصادمية بين الكيان المنشئ للازمة، والكيان المطلوب صنع الأزمة فيه أو له.
ويشترط لنجاح هذه المرحلة ما يلي:
-      اختيار التوقيت غير المناسب للكيان الخصم المراد تحطيمه أو استنزافه بالأزمات. وعلى أن يمثل في ذات اللحظة الوقت المناسب لنا لافتعال الأزمة.
-      اختيار المكان غير المناسب للخصم، والذي فيه لا يستطيع السيطرة على الأحداث أو على تداعياتها، ويكون لنا فيه القدرة على توجيه الأحداث والسيطرة عليها.
-      اختيار المجال غير المناسب للخصم لإحداث الأزمة فيه، سواء كان هذا المجال اقتصادياً، أو سياسياً، أو اجتماعيا، أو ثقافياً... الخ، والذي نملك فيه القدرة على تحريك قوى الفعل وإدارة الأزمة.
ويشترط لنجاح التصادم حدوث حادث معين، يطلق عليه حادث ( × ) الذي يكون بداية الشرارة وانطلاق اللهيب، ويفضل أن يكون هذا الحادث طبيعياً عفوياً أو تلقائياً، فإذا لم يتوافر هذا الحادث، كان علينا أن نوفره، وبشكل يبدو تلقائياً عفوياً.
4.   مرحلة السيطرة على الخصم:
وهي مرحلة الاستفادة من حالة انعدام الوزن لدى الخصم، وعدم قدرته على الحكم على الأمور، وتعرضه للاستهواء، ومن ثم من خلال العناصر التي تم زرعها لديه، والمحيطة به يمكن توجيهه بالشكل المطلوب، ومن ثم إفقاده القدرة على الرؤية الذاتية، وفي الوقت نفسه تخليه عن أهدافه الأصلية التي كان يتجه إليها، واستبدال هذه الأهداف بأهداف جديدة تتناسب معنا، بل وربطه بعلاقات تبعية يصعب عليه الفكاك منها، أو الخروج عنها، ما لم يتحمل تكاليف باهظة لا يقدر على دفع ثمنها.
5.   مرحلة تهدئة الأوضاع:
وهي المرحلة التي يتم فيها تخفيض الضغط الأزموي، وإعادة الأوضاع إلى حالتها الطبيعية، واستخدام أساليب التعايش الطبيعي، والتخفيف من حدة التوتر القائم على الضغط الأزموي، والاستجابة الهامشية لبعض مطالب الطرف الثاني، والتي تكون بمثابة امتصاص لقوى الرفض والاستثارة الداخلية لديه، وفي الوقت نفسه إعطاء الفرصة كاملة للقوى المؤيدة لنا للسيطرة عليه، وإحكام عملية توجيه، وفي الوقت ذاته استخدام الحكمة الكاملة في امتصاص كل غضب جماهيري، والاستعانة بقادة الرأي والفكر المعتدلين والموالين لنا، وفي إطار حملة إعلامية مخططة ومدروسة جيدا، يتم إعادة الأمور إلى حالتها الطبيعية، بعد أن تم تكييفها بالشكل المناسب لمصالحنا ورغباتنا وأهدافنا البعيدة المدى.
6.   مرحلة سلب وابتزاز الطرف الآخر:
ويطلق عليها البعض مرحلة جني المكاسب والغنائم ، وبالتالي يتم في هذه المرحلة حصد نتائج الجهود المثمرة التي تمت في المراحل السابقة، ويتخذ جني المكاسب عادة جانبين، هما:
جانب سلبي في إجبار الطرف الآخر على الامتناع عن القيام بأي عمل من شأنه تهديد مصالحنا.
جانب إيجابي في إقناع الطرف الآخر بالقيام بعمل معين من شأنه تقوية مصالحنا ومكاسبنا.

قواعد اسلوب افتعال الازمات
تقوم عملية افتعال الأزمة على عدة قواعد أساسية، هي:
1.   خلق علاقة تبعية وانقياد وسيطرة على الكيان المزمع افتعال الأزمة فيه، حتى يمكن جني المكاسب المستهدفة من وراء افتعال الأزمة، وفي الوقت نفسه لضمان عدم اتساع رد الفعل إلى مدى وأبعاد غير مطلوبة.
2.   زرع مجموعة عناصر موالية تتولى مواقع حساسة في أجهزة الكيان الإداري، يمكنها في الوقت المناسب إعاقة حركة الكيان، وتوجيه قادته، وتقليل رد فعل وبشاعة افتعال الأزمة.
3.   اختيار التوقيت المناسب الذي يكون افتعال الأزمة مؤثراً فيه، وقدرة العناصر الموالية لنا على توجيه متخذ القرار وإفقاد التأثير الأزموي للازمة مرتفعة، ومن ثم القدرة على امتصاص التأثير الأزموي وابتلاعه.
4.   إيجاد المسار البديل في شكل مصلحة جانبية يحرص الكيان الإداري على الحصول عليها، وفي سبيلها يمكن أن يتغاضى عن الأزمة التي تم افتعالها، أو يمكن للعناصر الموالية توجيه سلوكه بها.
5.   افتعال الأزمة بشكل سريع ومؤثر، وجني مكاسبها وتحقيق الهدف منها، ثم عقد لقاء امتصاص مع متخذ القرار في الكيان الإداري الذي حدثت فيه الأزمة، وذلك بهدفين، هما:
-      هدف خفي، وهو التحقق من النتائج التي أفرزتها الأزمة المفتعلة، ومن استقرار علاقة التبعية مع الدولة او الطرف المستهدف، وعدم تأثرها بالأزمة.
-      هدف علني، وهو امتصاص الانفعال، وتجديد الروابط، وتنقية العلاقات، وفتح صفحة جديدة، ونسيان ما مضى.
 وتستخدم في ذلك مجموعة إدعاءات ومبررات، من بينها:
-      الشرعية.
-      الاضطرار.
-      الحتمية.
-      التنبيه للخطر.
-      الحفاظ على الاستقرار.
-      الحفاظ على الأمن.
-      الحفاظ على السلام.
-      حماية النفس والدفاع عنها وعن المصالح.
-       
نموزج تطبيقي لأسلوب إفتعال الازمات

استخدم أدولف هتلر عند اشتعال الحرب العالمية الثانية وقد استخدم هتلر اسلوب افتعال الأزمات ببراعة ودهاء شديدين، دون اعتبار لأي قيم أو مثل، لإيجاد المبرر، ولكسب التأييد الشعبي لغزو بولندا، وتحييد دول العالم أمام هذا الغزو، حيث بدأت الحرب من سبتمبر عام 1939 باجتياح القوات الألمانية حدود بولندا.قبل الاجتياح تم افتعال أزمة ببراعة وحنكة، محورها تصوير الغزو الألماني على انه مجرد دفاع عن النفس ومرحلة تأديب لبولندا التي خانت المعاهدات وعلاقات حسن الجوار، وفي الوقت ذاته الوصول بالموقف العالمي إلى أزمة حافة الحرب.
وقد بدأت صناعة الأزمة في الليلة السابقة لقيام الحرب، حيث أخذت قوات العاصفة الألمانية النازية 12 سجيناً بولندياً من معسكر اعتقال بالقرب من برلين، وألبستهم ملابس الجيش البولندي، ثم أطلقت عليهم الرصاص وألقت بجثثهم في غابة على الحدود الألمانية البولندية، مع إضافة بعض المؤثرات لتصوير الموقف على أنه عملية قذرة عسكرية قامت بها بولندا ضد ألمانيا، ليتم عرضهم على مراسلي الصحافة الأجنبية، وتصويره على انه بداية غزو بولندي لألمانيا، وأن الحرس الألماني استطاع إحباط المحاولة وقضى على عدد كبير من الغزاة، وفي الوقت نفسه قامت قوات العاصفة بمهاجمة محطة إذاعية ألمانية على الحدود البولندية الألمانية وهي ترتدي ملابس الجيش البولندي، وتصطحب سجيناً بولندياً آخر، ثم قامت القوات بإطلاق الرصاص في كافة الاتجاهات، وقتل عدد من العاملين الألمان بالمحطة، وإجبار السجين البولندي على إذاعة بيان بقيام القوات البولندية بغزو ألمانيا، ثم هربوا تاركين الأسير البولندي جثة هامدة بعد أن أطلقوا عليه الرصاص، وأحد العاملين الألمان بمحطة الإذاعة مصاباً إصابة بسيطة ومغمى عليه من هول الصدمة، ليحكي عما شاهده من قيام الجيش النظامي البولندي بمهاجمة المحطة وقتل من فيها من الألمان أمام ممثلي الصحافة العالمية، وأمام جهات التحقيق الألمانية.
وبعد إتمام صنع الموقف الأزموي بنجاح، قام هتلر في الساعة العاشرة من صباح اليوم التالي، أول سبتمبر، مرتديا
" المعطف المقدس"، بزيارة الرايخستاخ "البرلمان الألماني " وإلقاء كلمة قصيرة، قال فيها:
" لأول مرة يجرؤ الجنود البولنديون النظاميون على مهاجمة وطننا، فقمنا منذ الساعة السادسة إلا ربعاً صباحاً بالرد على النيران. ومنذ الآن فصاعداً سنرد بالقنابل على القنابل".
وهكذا بدأت الحرب العالمية الثانية بأزمة مدبرة مفتعلة.
.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق