يشير مفهوم الأهمية الجيواسترتيجية إلي تلك
الميزة أو الخاصية التي تتميز بها دولة أو
منطقة جغرافيا أو إقليم سياسي ، بالمقارنة مع الأقاليم الأخرى والحاجة الدولية
لهذه الميزة أو الخاصية ذات الأهمية
القصوى التي تتخطى البُعد المحلي إلي
الإمتداد العالمي الذي يؤثر علي التوازن الدولي ككل ، بالرغم من إختلاف العلماء
حول مفهوم القرن الأفريقي وحدوده الجغرافية ، ودوله السياسية إلا أن هذه
الإختلافات إنتهت إلي نتيجة لا خلاف حولها وهي أهمية القرن الأفريقي .
إن للقرن الأفريقي أهمية أستراتيجية تتخطى
الإطار المحلى والإقليمي إلي البُعد العالمي
تنبع هذه الأهمية من الخصائص الإقتصادية ، السياسية ، العسكرية ، الحضارية
، بلإضافة إلي موقعه الأستراتيجي من البحر الأحمر وإقترانه المباشر مع الخليج
العربي وقد إتضح إن التطورات التكنولوجية
التي ظهرت منذ بداية عصر النهضة و الثورة الصناعية ؛ اثرت علي مختلف
النواحي فألقت الميزة النسبية لبعض المناطق في جانب من الجوانب كما أسهمت في إبراز
أهمية نسبية لبعض المناطق الأخرى .
القرن الأفريقي من المناطق التي لم تتاثر
كثيراً بالتطورات التكنولوجية ، إذ لم تقلل من أهميته ، بل زاددت من هذ الأهمية
علي الصعيد الدولي والمكانة الحيوية لمصالح القوى العظمى يرى خالد محمد دفع الله
إن الأهمية الأستراتيجية للقرن الأفريقي تنبع من محورين : الأول ذآتي أي من موقع
القرن الأفريقي ، المحور الثاني غيري ينبع من خلال علاقته بغيره من المناطق في
إشارة إلي منطقة الخليج العربي .(1)
أولاً : الموقع الجغرافي للقرن الأفريقي
يقع
القرن الأفريقي في المنطقة الشمالية الشرقية من قارة أفريقيا ، في موقع أستراتيجي ذات تأثير كبير علي الصعيد
العالمي والدولي حيث يطل القرن الأفريقي
علي الخليج العربي مباشرة وخليج عدن وباب المندب ، كما إنه هو الطريق الوحيد الذي
يربط بين المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط ، فهو مفترق طرق بين الشرق الأوسط وشرق
أفريقيا (2)، هذا الموقع الجغرافي للقرن الأفريقي
يجعله يقع في منطقة ذات خصوصية كبيرة علي المنتظم الدولي وتوازنه عبر الحقب
التاريخية الممتدة ، تتلخص أهمية الموقع الجغرافي للقرن الأفريقي في الأتي :
أولاً : يقع في موقع
أستراتيجي بالغ الأهمية يربط بين ثلاثة قارات : افريقيا ، آسيا ، أوربا ثانياً : إطلاله علي البحر الأحمر بمساحة وآسعة
سهل من اتصاله مع جميع مناطق العالم .
ثالثاً : يمثل القرن
الأفريقي عمق أستراتيجي لجمع القوى الكبرى (1).
رابعاً : يعتبر القرن
الأفريقي هو المدخل الوحيد لأفريقيا من جهة الشرق (2).
خامساً : أصبحت منطقة
القرن الأفريقي تتداخل سياسياً وإقتصادياً وأمنياً مع منطقة الخليج العربي والبحر
الأحمر ، خصوصاً بعد فتح قناة السويس (3).
سادساً : يتحكم القرن
الأفريقي في المدخل الجنوبي للبحر الأحمر .
سابعاً : يمثل نقطة
إرتكاز برى وبحرى(4).
ثانيآ : الأهمية
الجيوبوليتيكية للقرن الأفريقي
يستعمل
مصطلح الجيوبوليتك لتعبير عن جغرافيا العلاقات السياسية خاصة تلك التي تتعلق
بالعلاقات الدولية ، الجيوبولتيكية مفهوم يهتم بدراسة تأثير الموقع الجغرافي على أوضاع الشعب يضاف إليه شكل النظام السياسي و
القوة الأهمية الجيوبوليتكية تنبع في الأساس من عنصر الأرض إلا إنها تفترض تدخل
الإنسان (5)، هنالك كثير من النظريات
الجيوبوليتيكية التي وضعها العلماء لتحديد مناطق القوة وتوزيعها ، وتتضح مكانة
القرن الأفريقي في النظريات
الجيوبوليتيكية من خلال أهم النظريات الجيوبوليتيكية الأتية :
أولاً : نظرية قلب
الأرض
أرسى هذه النظرية هالفورد ماكندر حيث يرى
ماكندر إن للعالم نقطة إرتكاز سماها قلب
الأرض ، ومناطق أخرى تحيط به سماها جزيرة العالم ، صاغ ماكندر نظريته على ثلاثة
مرتكزات:
- من
يسيطر على شرق أوربا ؛ يسيطر على جزيرة العالم .
- من
يسيطر على جزيرة العالم ؛ يسيطر على قلب العالم .
- من
يسيطر على قلب العالم يسيطر على العالم .
ثانياً : نظرية الأطراف
تقوم
نظرية الأطراف علي مرتكزات نظرية ماكندر أرساها ( أسبيكمان) غير إنه يرى إن
السيطرة تكون من الأطراف أي من المناطق التي تحيط بقلب الأرض (1)
، منطقة الأطراف حسب نظرية أسبيكمان تشمل منطقة شمال أفريقيا (2)
بلإضافة إلي المناطق الأخرى التي تحيط بشرق أوربا ، إكتسب القرن الأفريقي أهمية
جيوبوليتيكية بالغة التأثير حسب نظرية قلب الأرض فهو بمثابة قلب الأرض لثلاثة
قارات : افريقيا ، آسيا ، أوربا ( أنظر
الخريطة رقم 1 ــ 1 )
السيطرة على القرن الأفريقي تعني السيطرة علي ثلاثة قارات مهمة فهو يتحكم بإمتداده
الجغرافي عليها كما يحتوي علي خصائص تجعل منه عمق أستراتيجي لجميع القوى ، أما
موقع القرن الأفريقي حسب نظرية أسبيكمان ؛ فأنه منطقة سيطرة وتحكم علي أوربا
وتطويق لمنطقة الشرق الأوسط إضافة إلي منطقة النفط في الخليج العربي .
الأهمية الإقتصادية
للقرن الأفريقي
ـ يزخر القرن الأفريقي بإمكانيات زراعية هائلة غير
مستغلة إذ أن( 44%)من مساحته الزراعية غير مستغلة ، كما تغطي الغابات حوالي (27%)
من جملة مساحته ، تبلغ مساحة الأراضي الصالحة للرعى فيه (25%) أما الأراضي التي لا
تصلح للزراعة تبلغ فقط (4%).
ـ يحتوي القرن الأفريقي علي أكبر ثروة حيوانية في
أفريقيا .
ـ أثبتت العديد من
الدراسات بإن القرن الأفريقي يعوم في ثروات نفطية ومعادن أستراتيجية .
ـ يمثل القرن الأفريقي
أهم مناطق للسوق الحر وتصريف للمنتجات الأمريكية و الأوربية والإنتاج المحلى (3).
ـ العائدات المالية
الضخمة التي تعود علي دول المنطقة بسبب مرور السفن التجارية ورسوم الملاحة ؛ ففي عام 1981م إستورد الغرب (500)
مليون طن من البترول يمثل (36%) من حجم الواردات ، بينما كانت تستورد الولايات
المتحدة أكثر من (25%) بلغ عدد السفن التي تمر بواسطة القرن الأفريقي إلي قناة
السويس عام 1981م عدد سبعين سفينة في اليوم(4).
ـ يحتوي القرن الأفريقي
علي أكبر ثروة مائية من المياه العزبة علي مستوى العالم.
خريطة
رقم ( 1 ـــ 1 )
خريطة القرن
الأفريقي
المصدر: علي موسي ، جغرافيا
القرن الأفريقي ، الموسوعة العربية، (ب ت ) .
الأهمية العقائدية
للقرن الأفريقي
إن الجوانب العقائدية والفكرية والأيديولوجية
لاتقل درجة عن أهميتها من الخصائص الأخرى بإعتبارها من ضمن أهداف بعض الدول الكبرى
" فإن إنحسار موجة الإستعمار المباشر قد يتبعه إنحسار فكرى وعقائدي ، لذا حرص
الإستعمار على نشر أفكاره لضمان مصالحه القومية "(1) ، شهدت منطقة القرن الأفريقي سلسلة من
الصراعات العقائدية نتاج لكثير من الأسباب ؛ إذ إن منطقة القرن الأفريقي تتميز ( بثنائية
المنبع والإنتشار ) ،عندما دخلت الديانة
المسيحية قارة أفريقيا إستقرت في منطقة القرن الأفريقي في أثيوبيا ، كذلك عندما
دخل الدين الإسلامي إلي القرن الأفريقي إستقرا في أثيوبيا التي كانت تُعرف باسم
الحبشة(2) .
يبدو
مما سبق إن منطقة القرن الأفريقي قد إكتسبت أهمية كبرى لدى الطرفين ، سعت علي
أساسها كثير من الدول الأوربية إلي دعم اثيوبيا بإعتبارها أهم مركز لنشر الدين
المسيحي في القارة الأفريقية ، ففي الجانب الآخر حرص العرب والمسلمون على نشر
الدين الإسلامي في القارة الأفريقية عامة ومنطقة القرن الأفريقي علي وجه الخصوص ،
برزت الأهمية العقائدية للقرن الفريقي بصورة اكبر بعد أحداث ( الحادي عشر من
سبتمبر 2001 م ) ؛ إذ أن المنطقة تسودها أغلبية مسلمة ففي أثيوبيا ( 45 %) مسلمين،
جيبوتي ( 94 %) تعداد المسلمين ، أما الصومال فتصل نسبة الإسلام فيه إلي (99%) وفي
السودان أكثر من (70 %) ، تشكل نسبة الإسلام في أريتريا حوالي ( 53 %) (3).
الأهمية العقائدية
للقرن الأفريقي تدور حول أربعة إتجاهات رئيسية :
- إتجاه
إسلامي ـ مسيحي .
- إتجاه
ليبرالي ـ إشتراكي .
- إتجاه
عربي ـ أفريقي .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق