الخميس، 27 نوفمبر 2014

الاهمية الجيواستراتيجية لمنطقة القرن الافريقي


      يشير مفهوم الأهمية الجيواسترتيجية إلي تلك الميزة أو الخاصية  التي تتميز بها دولة أو منطقة جغرافيا أو إقليم سياسي ، بالمقارنة مع الأقاليم الأخرى والحاجة الدولية لهذه الميزة أو الخاصية  ذات الأهمية القصوى التي تتخطى البُعد المحلي  إلي الإمتداد العالمي الذي يؤثر علي التوازن الدولي ككل ، بالرغم من إختلاف العلماء حول مفهوم القرن الأفريقي وحدوده الجغرافية ، ودوله السياسية إلا أن هذه الإختلافات إنتهت إلي نتيجة لا خلاف حولها وهي أهمية القرن الأفريقي .

    إن للقرن الأفريقي أهمية أستراتيجية تتخطى الإطار المحلى والإقليمي إلي البُعد العالمي  تنبع هذه الأهمية من الخصائص الإقتصادية ، السياسية ، العسكرية ، الحضارية ، بلإضافة إلي موقعه الأستراتيجي من البحر الأحمر وإقترانه المباشر مع الخليج العربي وقد إتضح إن التطورات التكنولوجية  التي  ظهرت منذ بداية  عصر النهضة و الثورة الصناعية ؛ اثرت علي مختلف النواحي فألقت الميزة النسبية لبعض المناطق في جانب من الجوانب كما أسهمت في إبراز أهمية نسبية لبعض المناطق الأخرى .

    القرن الأفريقي من المناطق التي لم تتاثر كثيراً بالتطورات التكنولوجية ، إذ لم تقلل من أهميته ، بل زاددت من هذ الأهمية علي الصعيد الدولي والمكانة الحيوية لمصالح القوى العظمى يرى خالد محمد دفع الله إن الأهمية الأستراتيجية للقرن الأفريقي تنبع من محورين : الأول ذآتي أي من موقع القرن الأفريقي ، المحور الثاني غيري ينبع من خلال علاقته بغيره من المناطق في إشارة إلي منطقة الخليج العربي .(1)


أولاً :  الموقع الجغرافي للقرن الأفريقي

     يقع القرن الأفريقي في المنطقة الشمالية الشرقية من قارة أفريقيا  ، في موقع أستراتيجي ذات تأثير كبير علي الصعيد العالمي والدولي حيث يطل  القرن الأفريقي علي الخليج العربي  مباشرة وخليج عدن  وباب المندب ، كما إنه هو الطريق الوحيد الذي يربط بين المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط ، فهو مفترق طرق بين الشرق الأوسط وشرق أفريقيا (2)، هذا الموقع الجغرافي للقرن الأفريقي يجعله يقع في منطقة ذات خصوصية كبيرة علي المنتظم الدولي وتوازنه عبر الحقب التاريخية الممتدة ، تتلخص أهمية الموقع الجغرافي للقرن الأفريقي في الأتي :

أولاً : يقع في موقع أستراتيجي بالغ الأهمية يربط بين ثلاثة قارات : افريقيا ، آسيا ، أوربا  ثانياً : إطلاله علي البحر الأحمر بمساحة وآسعة سهل من اتصاله مع جميع مناطق العالم .
ثالثاً : يمثل القرن الأفريقي عمق أستراتيجي لجمع القوى الكبرى (1).
رابعاً : يعتبر القرن الأفريقي هو المدخل الوحيد لأفريقيا من جهة الشرق (2).
خامساً : أصبحت منطقة القرن الأفريقي تتداخل سياسياً وإقتصادياً وأمنياً مع منطقة الخليج العربي والبحر الأحمر ، خصوصاً بعد فتح قناة السويس (3).
سادساً : يتحكم القرن الأفريقي في المدخل الجنوبي للبحر الأحمر .
سابعاً : يمثل نقطة إرتكاز برى وبحرى(4).

ثانيآ : الأهمية الجيوبوليتيكية للقرن الأفريقي
     يستعمل مصطلح الجيوبوليتك لتعبير عن جغرافيا العلاقات السياسية خاصة تلك التي تتعلق بالعلاقات الدولية ، الجيوبولتيكية مفهوم يهتم بدراسة تأثير الموقع الجغرافي على    أوضاع الشعب يضاف إليه شكل النظام السياسي و القوة الأهمية الجيوبوليتكية تنبع في الأساس من عنصر الأرض إلا إنها تفترض تدخل الإنسان (5)، هنالك كثير من النظريات الجيوبوليتيكية التي وضعها العلماء لتحديد مناطق القوة وتوزيعها ، وتتضح مكانة القرن الأفريقي  في النظريات الجيوبوليتيكية من خلال أهم النظريات الجيوبوليتيكية الأتية :

أولاً : نظرية قلب الأرض
      أرسى هذه النظرية هالفورد ماكندر حيث يرى ماكندر  إن للعالم نقطة إرتكاز سماها قلب الأرض ، ومناطق أخرى تحيط به سماها جزيرة العالم ، صاغ ماكندر نظريته على ثلاثة مرتكزات:
-       من يسيطر على شرق أوربا ؛ يسيطر على جزيرة العالم .
-       من يسيطر على جزيرة العالم ؛ يسيطر على قلب العالم .
-       من يسيطر على قلب العالم يسيطر على العالم .

ثانياً : نظرية الأطراف
   تقوم نظرية الأطراف علي مرتكزات نظرية ماكندر أرساها ( أسبيكمان) غير إنه يرى إن السيطرة تكون من الأطراف أي من المناطق التي تحيط بقلب الأرض (1) ، منطقة الأطراف حسب نظرية أسبيكمان تشمل منطقة شمال أفريقيا (2) بلإضافة إلي المناطق الأخرى التي تحيط بشرق أوربا ، إكتسب القرن الأفريقي أهمية جيوبوليتيكية بالغة التأثير حسب نظرية قلب الأرض فهو بمثابة قلب الأرض لثلاثة قارات : افريقيا ، آسيا ، أوربا  ( أنظر الخريطة رقم   1 ــ  1  ) السيطرة على القرن الأفريقي تعني السيطرة علي ثلاثة قارات مهمة فهو يتحكم بإمتداده الجغرافي عليها كما يحتوي علي خصائص تجعل منه عمق أستراتيجي لجميع القوى ، أما موقع القرن الأفريقي حسب نظرية أسبيكمان ؛ فأنه منطقة سيطرة وتحكم علي أوربا وتطويق لمنطقة الشرق الأوسط إضافة إلي منطقة النفط في الخليج العربي .

الأهمية الإقتصادية للقرن الأفريقي

ـ  يزخر القرن الأفريقي بإمكانيات زراعية هائلة غير مستغلة إذ أن( 44%)من مساحته الزراعية غير مستغلة ، كما تغطي الغابات حوالي (27%) من جملة مساحته ، تبلغ مساحة الأراضي الصالحة للرعى فيه (25%) أما الأراضي التي لا تصلح للزراعة تبلغ فقط (4%).
ـ  يحتوي القرن الأفريقي علي أكبر ثروة حيوانية في أفريقيا .
ـ أثبتت العديد من الدراسات بإن القرن الأفريقي يعوم في ثروات نفطية ومعادن أستراتيجية .
ـ يمثل القرن الأفريقي أهم مناطق للسوق الحر وتصريف للمنتجات الأمريكية و الأوربية والإنتاج المحلى (3).
ـ العائدات المالية الضخمة التي تعود علي دول المنطقة بسبب مرور السفن التجارية  ورسوم الملاحة ؛ ففي عام 1981م إستورد الغرب (500) مليون طن من البترول يمثل (36%) من حجم الواردات ، بينما كانت تستورد الولايات المتحدة أكثر من (25%) بلغ عدد السفن التي تمر بواسطة القرن الأفريقي إلي قناة السويس عام 1981م عدد سبعين سفينة في اليوم(4).
ـ يحتوي القرن الأفريقي علي أكبر ثروة مائية من المياه العزبة علي مستوى العالم.



خريطة رقم   ( 1  ـــ  1 )
خريطة القرن الأفريقي


المصدر:  علي موسي ، جغرافيا القرن الأفريقي ، الموسوعة العربية، (ب ت ) .
الأهمية العقائدية للقرن الأفريقي
     إن الجوانب العقائدية والفكرية والأيديولوجية لاتقل درجة عن أهميتها من الخصائص الأخرى بإعتبارها من ضمن أهداف بعض الدول الكبرى " فإن إنحسار موجة الإستعمار المباشر قد يتبعه إنحسار فكرى وعقائدي ، لذا حرص الإستعمار على نشر أفكاره لضمان مصالحه القومية "(1) ، شهدت منطقة القرن الأفريقي سلسلة من الصراعات العقائدية نتاج لكثير من الأسباب ؛ إذ إن منطقة القرن الأفريقي تتميز ( بثنائية المنبع والإنتشار )  ،عندما دخلت الديانة المسيحية قارة أفريقيا إستقرت في منطقة القرن الأفريقي في أثيوبيا ، كذلك عندما دخل الدين الإسلامي إلي القرن الأفريقي إستقرا في أثيوبيا التي كانت تُعرف باسم الحبشة(2) .
     يبدو مما سبق إن منطقة القرن الأفريقي قد إكتسبت أهمية كبرى لدى الطرفين ، سعت علي أساسها كثير من الدول الأوربية إلي دعم اثيوبيا بإعتبارها أهم مركز لنشر الدين المسيحي في القارة الأفريقية ، ففي الجانب الآخر حرص العرب والمسلمون على نشر الدين الإسلامي في القارة الأفريقية عامة ومنطقة القرن الأفريقي علي وجه الخصوص ، برزت الأهمية العقائدية للقرن الفريقي بصورة اكبر بعد أحداث ( الحادي عشر من سبتمبر 2001 م ) ؛ إذ أن المنطقة تسودها أغلبية مسلمة ففي أثيوبيا ( 45 %) مسلمين، جيبوتي ( 94 %) تعداد المسلمين ، أما الصومال فتصل نسبة الإسلام فيه إلي (99%) وفي السودان أكثر من (70 %) ، تشكل نسبة الإسلام في أريتريا حوالي ( 53 %) (3).
الأهمية العقائدية للقرن الأفريقي تدور حول أربعة إتجاهات رئيسية :
-       إتجاه إسلامي  ـ مسيحي .
-       إتجاه ليبرالي ـ إشتراكي .
-       إتجاه عربي ـ أفريقي .
-       إتجاه أفريقي  ـ أفريقي (4).


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق