الخميس، 27 نوفمبر 2014

الاهمية الجيواستراتيجي للخليج العربي


      تأخذ بعض المناطق أهمية كبرى علي الصعيد الإقليمي والدولي مما يجعلها تشكل قوة مؤثرة في النظام الدولي ، تستمد هذه القوة من أحد عناصر وخصائص هذه المنطقة مثل : الموقع الجغرافي ، الإمكانيات التي تزخر بها ، الموارد المادية والمعنوية ، يشير مفهوم الأهمية الأستراتيجية إلي تلك الأهمية التي تتخطى الإطار الجغرافي الإقليمي والمحلى إلي نطاق أوسع ذات بُعد عالمي يؤثرعلي العالم ككل " تعني الأهمية الجيوأستراتيجية للخليج العربي تلك الأهمية الأستراتيجية لإقليم الخليج العربي بإعتباره أحد العناصر الرئيسية في التوازن الدولي ، وأبعاد توظيفه في نطاق الأستراتيجيات الكلية الشاملة للقوى الكبرى  والصراعات الإقليمية" (1) .

 عناصر القوة الجيواستراتيجية للخليج العربي

     إن الهدف الأساسي الذي تهدف إليه القوة هو القدرة على التأثير في سلوك  الآخر ؛ بصورة تجعله يتصرف وفقاً لما خطط له ، قد تختلف العناصر التي تتكون منها القوة من مكان إلي آخر أو لإعتبارات تتعلق بذاتية القوة ، إذ قسم العلماء عناصر القوة إلي ثمانية عناصر رئيسية :

-       الجغرافيا ( المساحة ، الموقع ، التضاريس ).
-       الإمكانيات والموارد.
-       السكان .
-       درجة النمو الإقتصادي .
-       مستوي التقدم التقني والتكنولوجي.
-       درجة الإستعداد العسكري .
-       كفاءة الموسسات السياسية .
-       مستوي الروح المعنوية . (2)

      تتوفر بعض هذه العناصر في منطقة الخليج العربي بدرجة متفاوتة نسبياً ، فمن أجل إبراز الأهمية الجيوأستراتيجية للخليج العربي ؛ لابد من تحليل عناصر القوة أو بمعني آخر من أين يستمد الخليج العربي قوته الجيواستراتيجية ؟ ، في إطار الإجابة على هذا السؤال ذهب العلماء إلي إتجاهين :    
الأول : إتجاه جغرافي يركز على الموقع الأستراتيجي للخليج العربي .
الثاني : إتجاه إقتصادي يركز علي النفط بإعتباره أهم ثروة يتميز بها الإقليم .(1)

أولاً : أهمية الموقع الجغرافي للخليج العربي

    تشكل الخليج العربي نتاج لهزات أرضية عنيفة حدثت في الطور الثالث من العصر الميوسيني ، التي أنبثقت بسببها سلاسل طوروس وزاغروس ، وشهقت جبال الهملايا ، ونهضت الهضبة الإيرانية ، تأثر الخليج العربي بنهري دجلة والفرات حيث يجرف شط العرب الذي تشكل من إلتقاء النهرين الطمي إلي مياه الخليج (2) ، فهو يمتد من دائرة عرض 24 ْ شمال ، إلي دآئرة عرض 30،30 جنوباً ، كما يمتد من طول خط 48 درجة شمالاً، إلي 2,56 غرباً ، تبلغ مساحته الكلية 226،000كم ، حيث يمتد ساحل الخليج العربي من رآس مسندم حاي شط العرب شمالاً ، يتراوح عرض الخليج العربي بين 220 و 300 كم، يبلغ طولة 1000كم (3) ، نسبة لهذه الخصائص أصبح الخليج العربي يسيطر على أهم المناطق الآستراتيجية في العالم كما يتحكم في أهم طرق النقل والتجارة من خلال باب المندب وقناة السويس بالإضافة إلي مضيق هرمز في إيران .
   
     يفصل الخليج العربي شبه الجزيرة العربية  وجنوب غرب إيران ، تطل علي الخليج العربي ثماني دول هي : إيران ، السعودية ، قطر ، الكويت ، الإمارات ، عُمان ، العراق ، أما دولة البحرين فهي تحيط به ضمن مياهه الإقليمية ، أما بالنسبة لحدوده فإن تحده إيران من جهة الشمال الشرقي ، بينما تحده من الجنوب الشرقي وجهة الجنوب كل من سلطنة عُمان ، الإمارات العربية المتحدة ، في جهة الجنوب الغربي والغرب تحده كل من المملكة العربية السعودية  ، قطر و تقع كل من الكويت و العراق على أطرافه الشمالية الغربية ( أنظر الخريطة رقم 1 ــ 2 ) .

خصائص الموقع الجغرافي للخليج العربي :

-     يقع في موقع أستراتيجي يجمع بين ثلاثة قارات آسيا ، أفريقيا ، أوربا .
-     يتميز بطول المساحة المائية والبحرية .
-     صلاحية مياهه للملاحة طوال العام .
-     سرعة تحرك السفن والقوات في حالة الغزو .
-     ليس في تقاليد دول المنطقة غريزة الغزو البحري(1) .





خريطة رقم (  1  ـــــ   2  )
الخارطة الجغرافيا للخليج العربي



المصدر : خرائط قوقل، http://www.google.com//sabq.org

-       القدرة علي إيواء الصواريخ والزوارق والسفن البحرية .
-       يساعد علي التشويش البحري ؛ بسبب طبيعة وشكل التضاريس البحرية فيه(1) ، كما إن طبيعة الأرض المسطحة والصحراء تساعد علي التدريب العسكري بصورة جيدة.

    على إمتداد الفترات التاريخية القديمة والحديثة كانت ولا تزال منطقة الخليج تلعب دوراً مهماً على الصعيد الإقليمي والدولي ؛ لما تتميز به من موارد وحيوية إضافة إلي كونها نقطة تلاقي بين ثلاثة قارات تجمع الشعوب الآسيوية والعربية والأفريقية والأوربية وغيرها من الأجناس، " حتي جاء النفط ليكسب منطقة الخليج العربي أهمية أستراتيجية  تفوق أهمية أي إقليم آخر فلم يعد هنالك إقليم في العالم تتلاقي فية المصالح الكونية التي تضمن إستقرار العالم مثل منطقة الخليج العربي (2) .

ثانيآ : أهمية نفط الخليج العربي

      عرفت البشرية كثير من أشكال الطاقة التي تستخدمها عبر المراحل التاريخية  المختلفة في أمريكا ، روسيا ، أفريقيا إضافة إلي بعض المناطق الآخرى في أوربا وأمريكا اللاتينية ، فمنذ إندلاع الثورة الصناعية في أوربا وإنتقالها إلي مناطق آخرى ؛ أصبحت خاصية التقارب ، والترابط بين البشرية أكبر فإن الداعم الأساسي لهذه الثورة والذي مازال يلعب دوراً مهماً هو النفط .
    
    منطقة الخليج العربي هي من أهم المناطق المنتجة للنفط في العالم إنتاجاً وتصديراً ، مع تزايد الطلب العالمي وقلة الإستهلاك المحلى ، إن إنتاج منطقة الخليج العربي يفوق إنتاج كثير من الدول الكبرى ، هذه القوة البترولية أضافت لها الكثير من الخصائص والمميزات كما يرى محمد سعيد إدريس " مثلما يتمتع إقليم الخليج العربى بقوة جيوستراتيجية مميزة جعلته بؤرة للتنافس الدولي فإنه كذلك يحتوي على قوة إقتصادية شديدة التأثر والفاعلية في السياسة الدولية " (3) ، شهدت منطقة الخليج العربي كثير من الصراعات الإقليمية والدولية من أجل السيطرة والتحكم علي النفط وضمان وجود نفوذ في النمطقة خصوصاً من قبل القوى العظمى ، فقد ظهرت إمكانية إستخدام القوة لإحتلال آبار النفط من قبل تلك القوى(4).

     إن خاصية نفط الخليج لاتكمن فقط في كونه يوجد بكميات كبيرة وهائلة ؛ بل متزايد فلإنتاج مرتفع بصورة عالية جداً ، كما إرتفع الإحتياطي النفطي من ( 50 مليار ) برميل عام 1950م  إلي ( 120 مليار ) عام 1960 م ، ثم ( 250 مليار ) عام 1970م إلي ( 370 مليار ) برميل عام 1980م ، كما تضاعف إلي أكثر من ( 650 مليار ) برميل عام 1990م ، ويتوقع إن يصل إلي أكثر من ( 800 مليار ) برميل بحلول عام 2000م (1).

خصائص نفط الخليج العربي

    ـ  الإنتاج الهائل و المتزايد .
    ـ  ضخامة الإحتياطي علي الأمد البعيد .
    ـ  قلة الإستهلاك المحلي .
    ـ  جودة  البترول المنتج بالمقارنة مع المناطق الآخرى.
    ـ  قلة تأثيره علي البيئة .
    ـ  ضخامة إعتماد دول الخليج علية ( أنظر جدول رقم 1  ـ 1 ) .


جدول رقم ( 1 ـ 1 )
نسبة إعتماد دول الخليج علي تصدير النفط لمجموع صادراتها

الدولة
 1970 م
1974 م
1980 م
 1985 م
  السعودية
  العراق
 الكويت
 البحرين
  قطر
  الإمارات 
   عُمان               
  100%
  90%
  94%
  86%
  100%
  100%
    ـ
  100%
  98%
  99%
  90%
   100%
   98%
   99%
  93 %
  99%
  92%
   89 %
  94%
  94%
   99%
  95 %
  99 %
87 %
  87 %
  91 %
  89 %
  98 %

المصدر: محمد سعيد إدريس ، النظام الإقليمي للخليج العربي ، مركز دراسات الوحدة العربية ، بيروت ، 2000 م ، ص  85 .

      يشكل النفط نسبة عالية في ميزان الواردات بعض الدول خصوصاً الدول الصناعية الكبرى ؛ فهنالك دول تعتمد علي النفط العربي بنسبة تصل إلي 100 %  مثل اليابان  ، واخرى بنسبة 60 % مثل الولايات المتحدة  ، واخرى إلي نسبة 30 % مثل دول أوربا ، تزداد وتقل هذه النسبة أحياناً حسب درجة التطور التي تصل إليها الدول المستورده  كما يوضحها الجدول رقم ( 1 ـ 2 ).





جدول رقم ( 1  ـ  2 )
واردات  الولايات المتحدة وحلفائها من بترول الخليج العربي
( مليون برميل في اليوم  لعام 1973 م )

 دول الخليج
الولايات المتحدة
أوربا الغربية
اليابان

 السعودية
 إيران
 الكويت
 العراق
  قطر
  عًمان
  البحرين
  الإمارات

      ,590
        ,420      
     , 160     
, 050      
       ـ  
       ـ
      ـ
, 160   

4,000 
1,730 
,450   
    ـ
,400   
    ـ
    ـ
,600    

1,240   
  1, 730   
,540   
     ـ
  0      
     ـ
      ـ
,430   
المصدر : بدون مؤلف ،أمريكا تغزو الخليج ، دراسات الكونجرس الامريكي ، ترجمة( وجيه راضي )، دار الجيل ، بيروت ، 1991 م، ص  63 .

       أدركت الدول الكبرى تأثير الإعتماد علي النفط و الإستقرار الدولي في حالة حدوث حرب(*) أو عقوبات إقتصادية ، لذا وضعت أستراتيجية  تقوم علي الأتي :
-       إستخدام المخزون الإحتياطي لتعويض النقص .
-       زيادة الإنتاج في حقولها .
-       تقليل الإستهلاك .
-       البحث عن بدائل أخرى(1)
أثر النفط علي القوة الجيوستراتيجية للخليج العربي

أولاً : أعطى منطقة الخليج العربي قوة أستراتيجية كبيرة علي المستوى الدولي .
ثانياً : زيادة القوة المالية بسبب تزايد عائدات النفط .
ثالثاً : التطور والتنمية فكل الدول الخليجية إستفادت بشكل هائل من ثروتها النفطية .
رابعاً :رفعت الثروة النفطية من مكانة ( النظام الإقليمي الخليجي ) ؛ بمعني إنتقال مركز النظام الإقليمي العربي إلي النظام الإقليمي الخليجي.
خامساً : أتاح لها الحصول علي النفوذ والمكانة الإقليمية ؛ بسبب المساعدات التي تقدمها للدول الفقيرة المجاورة له (2).

مكانة الخليج العربي في النظام الدولي

    يلعب الخليج دوراً مهماً في النظام الدولي الذي يتشكل من مجموعة من القوى الدولية ، فإن أبرز خصائص الخليج العربي في النظام الدولي المعاصر ما يلي :

-       زيادة الوزن النسبي للنظام الإقليمي الخليجي العربي في التوازن الدولي .
-       أصبح من أهم عناصر النظام النقدي والإقتصادي العالمي .
-       تزايد أهمية النظام الخليجي لجميع الدول الراسمالية والإشتراكية .
-       أصبحت منطقة الخليج من اهم مراكز الصراع والتنافس الدولي .
-       قدرة بعض دول الخليج في الإستقلالية والتوجة ، مع إمتلاك أكبر قدر من المساومة مع جميع القوى الكبرى(3).




                 





         



هناك تعليق واحد: