الاثنين، 27 أكتوبر 2014

اشكالية العدالة بين الفكر الاسلامي والمعاصر


ان اشكالية العدل في العصر الحديث اصبحت مقترنة بالانسان اساساً لمواجهة التحديات السياسية والاجتماعية الحادة التي عرفها المسلمون في القرون الاخيرة. ويتضح ان محرك مسألة العدل ظل واحدا ً في الماضي والحاضر لدي جميع الشعوب، لكن طرق التعبير عنه اختلفت، ففي حين ارتبط موضوع العدل بعلم الكلام في القرون المتأخرة، نظراً لاولوية التوحيد في تلك المجتمعات، ونظراً للتركيبة الاجتماعية والفطرية لها، نجد أنفسنا اليوم نربط بين العدل ومشاكل الانسان المادية والاجتماعية اساساً، نظراً للتحولات التي طرأت على فهم المجتمعات للدين من ناحية وعلى تعقيد بنيتهم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية و طغيان الجانب المادي من ناحية أخرى.
وفق المنطق القرآني فلقد اعتبر ان قيمة العدل يجب ان تميز المجتمع الاسلامي او الرسالي في بنيته، وان تطبع علاقاته مع غيره، سواء كانوا مؤمنين او غير مؤمنين- الناس كما نص القرآن الكريم- وفي آيات أخرى (لايجرمنكم شنآن قوم على الا تعدلوا أعدلوا هو اقرب للتقوى) ، (يا ايها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط).
هذا التوجه المتميز في الخطاب القرآني دفع علماء المسلمين لتناول مسألة العدل من الضروري على الانسان وفقاً للفكر الاسلامي ان يكون عادلا في جميع الامور المرتبطة به سواء كانت في شؤونه الشخصية او اموره العائلية او اموره الاجتماعية او كان حاكما او رئيسا او غير ذلك وقد جعل الله سبحانه وتعالى في كل ذلك ميزانا في نفسه يعرف به العدل من الظلم وهذا من افضل الفضائل والملكات التي يسمو بها الانسان الى ارفع الدرجات وتنهض بها الامم .
وهنالك مجموعة من الشروط التي يمكن الاشارة اليها في اطار الحديث عن العدالة في الفكر الاسلامي ولعل اهما هي تلك التي ترتبط بجوهر الدول وهي الحكومات وقيادات الدولة منها علي سبيل الايجاز يجب ان تكون الحكومة الاسلامية قائمة على سياسة اللاعنف والابتعاد عن مفهوم العنف وحيثما وجد العنف ضاعت العدالة كما يجب على الحاكم الابتعاد عن النهج الدكتاتوري والاستبدادي التسلطي و أن يكون جامعاً لشرائط الفتوى وهي العلم بأمور الدين والدنيا والعدالة و الإيمان وغير ذلك مما ورد أعلاه في الكتب الفقهية.كذلك أن يكون مختاراً من قبل الشعب بأكثرية الآراء وهذا إنما يكون تطبيق حي لمبدأ الشورى الإسلامي ان مفهوم العدالة في الفكر الاسلامي يتخطى التصورات المادية والاطروحات المثالية ومن اراد معرفة هذه الحقيقة بصورة اكبر فلينظر الي تاريخ الدولة الاسلامية الاولي والحكومات الراشدة التي خلفتها .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق