الخميس، 24 أبريل 2014

مفهوم الهجرة غير الشرعية

   يُعد مفهوم الهجرة من ابرز المصطلحات التي كثر وشاع إستخدامها في وسائل الإعلام المختلفة والدراسات العلمية المتخصصة ويبدو إن لهذا الكلمة عُدة دلالات ومعاني كما يبدو إنها تتداخل مع مجموعة من المصطلحات والمفاهيم الآخري علي هذا الأساس يتضح إن من مستلزمات عملية إجراء البحوث هي دراسة الظاهرة من جميع جوانبها مع تحديد واضح ودقيق لمصطلحاتها ، فغالباً ما يمثل عدم تحديد مفهوم المصطلحات أحد ابعاد مشكلة الظاهرة أو ما يطلق عليه اسم إشكالية فقه المصطلح .
                                   
أولاً : الدلالة اللغوية للهجرة
    جاء في المعجم الوجيز إن كلمة الهجرة مشتقة من الفعل الثلاثي ( هَجَرَ ) التي تعني تباعد ويقال : هَجَرَ الشخص الشئ أي تركه وأعرض عنه ، و (هَاجَرَ) الشخص ترك وطنه ، اما كلمة ( هَجّرَ ) فلان نقله من موطن إلي موطن آخر ، و( المُهَاجَرُ ) موضع المهاجَرةُ ، اما كلمة ( الهِجْرَةُ )( * ) فتعني إنتقال الناس من موطن إلي آخر (1) .

اما كلمة الهجرة في مختار الصحاح لابي بكر الرازي فقد جاءت علي المعاني الأتية :
-      الهجر ضد الوصل .
-      الهجرة والمهاجر من أرض إلي أرض أي ترك الأولي بالثانية .
-      التهاجر التقاطع .
-      الهَجرة ( بفتح الهاء ) تعني الهزيان .
-      الكلام المهجور يعني الكلام الباطل (2) .

     جاء في القاموس المحيط إن الهجرة اسم من الفعل هجر يهجر وهجراناً ويقال هجر المكان أي تركه والهجرة هي الخروج من أرض إلي أخري ومفارقة البلد (3) ، يتضح من خلال المعاجم العربية السابقة إن كلمة الهجرة إشتقت من الفعل الثلاثي ( هجر ) بمعني تباعد كما تمثل عملية الإشتقاق اللغوي العنصر الأساسي لتحديد المعني الحقيقي لكلمة الجهرة وتدخل في هذه العملية عمليات الإعراب وموقع وتشكيلة الكلمة، وقد جاءت في القراءن الكريم بعُدة صيغ .


 حملت كلمة الهجرة أو هاجر (Migrate ) في اللغة الانجليزية ثلاثة معاني مختلفة وهي :

-      الإنتفال من مكان إلي آخر وبخاصة من دولة أو إقليم أو محل سكن أو إقامة إلي مكان آخر بغرض الإقامة فيه .
-      الإنتقال بصفة دورية من إقليم إلي آخر .
-      ينتقل أو يتجول (To Transfer ) (1) .

    تمثل الهجرة غير الشرعية مصطلح مركب من شقين ( هجرة ) و ( غير شرعية ) فاما الأولي فقد تم التعرف علي دلالتها وكلمة غير الشرعية تعني مخالفة القوانين والتشريعات بصورة عامة ، من هذا يتضح إن مفهوم الهجرة غير الشرعية هي التي تخالف القوانين والتشريعات سواءً كانت قوانين الدولة التي يهاجر منها الفرد أو التي يصل إليها .

ثانياً : الدلالة الإصطلاحية :
  يتضح إن من الصعب إيجاد مفهوم  دقيق للهجرة، وترجع هذه الصعوبة بالأساس إلى تعدد المفاهيم المقدمة من طرف الدول لإختلاف الأغراض والأهداف التي ترمي إلى تحقيقها  وبشكل عام ينظر إلى الهجرة على إنها عبارة عن إنتقال البشر من مكان إلى آخر سواء كان هذا بشكل فردي أو جماعي لأسباب قد تكون سياسية ، إقتصادية ، إجتماعية ، نفسية ، وعليه يمكن التمييز بين المفاهيم الأتية :

§        الهجرة
   تعرف الهجرة بأنها عملية انتقال أو تغير دائم أو شبه دائم في مكان إقامة الفرد أو الجماعة من مجتمع أو منطقة إعتادوا على الإقامة فيها (تعرف بمنطقة أو مجتمع المنشأ) إلى مجتمع أو منطقة أخرى (تعرف بمنطقة أو مجتمع المقصد) إذا كانت كل من منطقتي المنشأ و المقصد داخل حدود دولة واحدة فتعرف الهجرة بالهجرة الداخلية. أما إذا كانت منطقتي المنشأ و المقصد في دولتين مختلفتين فتعرف الهجرة بالهجرة الخارجية. و للهجرة الداخلية أنواع عديدة من أبرزها:
-      الهجرة من الريف إلى الحضر.
-      الهجرة نحو المناطق الزراعية .
-      الهجرة من مزرعة إلى مزرعة أو من الريف إلى الريف.
-      الهجرة من منطقة إدارية إلى منطقة إدارية .
-      الهجرة الموسمية و الهجرة العائدة و هي العودة إلى الريف لمن سبق لهم الهجرة منه(2) .

§       الهجرة الشرعية

      يشير مصطلح الهجرة الشرعية  إلى الحركة السكانية التي يتم فيها إنتقال الفرد أو الجماعة من الموطن الأصلي إلى وطن جديد يختاره لأسباب عديدة وبطرق مشروعة (1) ، اما رقية العاقل فتري بان الهجرة الشرعية هي " تلك التي تنصرف إلي الفئة التي تقوم بإحترام و الإلتزام  بالالتزامات و الشروط الموضوعة من قبل الدولة المتواجدين بها، و الخاصة بدخول و إقامة الأجانب"(2) ، حيث يتضح إن الهجرة الشرعية تمثل الإتجاه المعاكس للهجرة غير الشرعية  على إمتداد التاريخ البشري شكلت الهجرة  تعبيراً على رغبة الفرد والجماعات للتغلب على الظروف الصعبة والهروب من الفقر وبدء حياة جديدة قد توفر لهم الحق في العيش الكريم من جانب ىخر أدى التطور السريع لوسائل الإعلام و الاتصال و المعلوميات , الى زيادة عدد الأفراد الراغبين في الانتقال الى أماكن أخرى توفر لكل فرد درجة من التقدم والرفاهية  كانعكاس أول للعولمة الليبرالية في كثير من البلدان .

   عرفت ظاهرة الهجرة الشرعية  تغيرات مهمة في أشكالها مثل : (هجرة  الرجال  ، النساء ، الشباب ، العمال ، المعلمين ، الأطباء ، ، ... الخ ) و أساليب تحقيقها ( التحرك المباشر ،التوافق أو التحايل على القانون  ، واللجوء السياسي  ، طلب المنح والتأشيرات ... الخ ) لأزم ذلك إتساع أسواق العمالة وتميز المجتمعات بالطابع العالمي واتساع الهوة بين دول الجنوب والشمال ، فالهجرة حسب العديد من المهتمين والباحثين، ظاهرة تاريخية ساهمت في إعمار الأرض، وربما ستساهم في إعمار الكون الممكن الحياة فوقه، وهي تلعب دورا مهماً في تلاقي مجموعات بشرية متنوعة الثقافات، مما يسمح بالتلاقح الثقافي وبناء حضارة إنسانية مشتركة .

يحدد العلماء عدد من الشروط والمتطلبات الأساسية التي تتميز بها الهجرة الشرعية وهي :
-      يجب إن تستند علي اُطر قانونية والاُسس التي تحددها الدول .
-      إن تكون الهجرة عبر المنافذ والطرق التي تحددها الدولة .
-       إن تكون الهجرة بعلم مسبق للسلطات داخل الدولة وإن لا يهاجر الفرد متخفياً .
-      إن تكون الهجرة بواسطة وثائق ومستندات حقيقية غير مزورة .
-      أن يصل المهاجر إلي الدولة المهاجر إليها عبر المنافذ والطرق التي تحددها .
-      عن توافق الدولة المهاجر إليها علي إستضافة الشخص المهاجر .
-      إن لاتتخطي فترة الإقامة المدة الزمنية المحدد أو تتجاوز الغرض الأساسي الذي من أجله تمت الهجرة (3)
§       الهجرة غير الشرعية

     هنالك كثير من المصطلحات التي تستخدم للإشارة إلي الهجرة غير الشرعية مثل : ( الهجرة السرية ، الهجرة غير القانونية ، الهجرة غير النظامية ، حيث تُعرف  بأنها «هجرة مواطنين أجانب إلى بلاد في ظروف يكونون فيها غير مستوفين للشروط القانونية للإقامة في ذلك البلد»، لذا تصبح الهجرة غير الشرعية تدل علي خروج الفرد أو مجموعة من الفراد من دولهم بطريقة غير مشروعة سواءً كانت عبر منافذ غير مخصص لذلك أو عن طريق منافذ مشروعة عبر وثائق مزورة (1) .

   تُعرف المفوضية الأوروربية الهجرة غير الشرعية بإنها هي كل دخول عن طريق البر أو البحر أو الجو إلي إقليم دولة عضو بطريقة غير قانونية أو بوثائق مزورة أو عن طريق شبكات الإجرام المنظمة  أو من خلال الدخول بطريقة قانونية بموافقة السلطات بالحصول علي تأشيرة ومن ثم البقاء بعد إنتهاء الفترة المحددة أو تغير غرض الزيارة دون موافقة السلطات(2) . يعتبر هذا التعريف من أكثر التعريفات قبولاً في كثير من الدراسات كما يتميز بإنه تعريف شامل لجميع طرق الهجرة غير الشرعية ويتضح من هذا التعريف والتعريف السابق بإن الهجرة غير الشرعية تتمثل في ثلاثة اشخاص يمكن إن تطلق عليهم صفة الهجرة غير الشرعية وهم :

أولاً : الأشخاص الذين يدخلون بطريقة غير قانونية إلى دول الإستقبال ولا يوفقون وضعهم القانوني.
ثانياً :  الأشخاص الذين يدخلون دول الإستقبال بطريقة قانونية ويبقون بعد إنقضاء مدة الإقامة القانونية.
ثالثاً : الأشخاص الذين يقومون بتغيير موقفهم القانوني الأساسي (3)

§       المهاجر غير الشرعي
يُعرّف المهاجر غير الشرعي بأنه «ذلك الأجنبي الذي يدخل بلداً غير بلده، بغير إذن من حكومتها، أو يبقى فيها بعد انتهاء تأشيرة دخوله  أو رحيل فرد أو مجموعات من الأفراد خارج البلد بصورة غير قانونية خارج نطاق ما يسمح به القانون الدوليّ، بحثا عن سبل حياة كريمة ومستقبل أفضل، حيث ينتهك الراحل القوانين والتشريعات التي تسمح له بالتنقل ويخالف النظم الدولية المتعارف عليها بطلب تصريح دخول أو فيزا لتشريع الإقامة أو تصريح العمل (4)

ثانياً : الهجرة و المفاهيم ذات الصلة :
§       اللجوء
إستمدت كلمة اللجوء اصولها من مصدر الفعل لجأ، يقال: لجأ إلى الشيء والمكان يلجأ لجأ ولجوءاً وملجأ، بمعنى لاذ به وإعتصم(1)، قال ابن فارس: "اللام والجيم والهمزة: كلمة واحدة، وهي اللجأ والملجأ: المكان يلتجئ إليه، يقال: لجأت والتجأت"(2).
     يقال : ألجأت أمري إلى الله، أي أسندت، ولجأت إلى فلان وعنه والتجأت وتلجأت إذا استندت إليه، واعتضدت به، أو عدلت عنه إلى غيره، وألجأه إلى الشيء: اضطره إليه، وألجأه: عصمه، والتلجئة : الإكراه، والملجأ واللجأ -محركة- المعقل والملاذ (3) يقصد باللاجئ هو الأجنبي الذي يجد نفسه في بلد آخر غير البلد الذي هو مواطن فيه ، نتيجة تعرضه للإضطهاد بسبب الجنس ، القومية ، أو تابع لتجمع ما ، أو بسبب الإعتناق الديني أو السياسي سواءً كان الإضطهاد من قبل حكومة  أو من قبل جهة أخرى

  يعتبر الشخص لاجئ أيضاَ إذا يكن له بلد ويجد نفسه في بلد آخر غير البلد الذي سكن فيه بسبب ما تعرضه له من إضطهاد مع رفض العودة إليه ، فاللجوء حسب اتفاقية الأمم المتحدة التي وقعت عليها أكثر من 130 بلد  والتي تسمى اتفاقية جنيف ، هو " الشخص الذي لديه مبررات أن يكون خائفاَ بسبب الاضطهاد الذي يتعرض له في بلده للأسباب التالية:
-      الجنس ، رجل أم امرأة .
-      القومية . كردي ، سرياني ، آشوري ، كلداني ، تركماني.
-      تابع تجمع ما .
-      ذو اتجاه سياسي أو يحمل ايدلوجية معينة.
-      إعتناقه دين أو مذهب ، شيعي ، سني ، كاثوليكي ، قبطي ، برتستانتي ...الخ (4).


( * )  معرفة بالالف واللآم  وكسر الهاء وسكون الجيم  وفتح الراء وضم التاء .
(1)  جمهورية مصر العربية ، مجمع اللغة العربية ، المعجم الوجيز ، الهيئة العامة لشؤون المطابع الآميرية ، القاهرة ،2005م ، ص ص644ـ 645 .
(2)  أبي بكر الرازي ، مختار الصحاح ، المطبعة الكلية ، القاهرة ، ط1 ،1329 هـ ، ص 216 .
(3)  الفيروز أبادي ، القاموس المحيط ، دار الفكر ، بيروت ، ج 2 ، (ب ت ) ، ص 127 .
(1) تلين أسميث ، أساسيات علم السكان  ، ترجمة : ( محمد السيد غلاب وآخرون )  دار الفكر العربي ، القاهرة  ،  1971 م ، ص 499 .
(2)  نفس المصدر ، ص 495 .
(1)  )  ساعد رشيد ، واقع الهجرة غير الشرعية في الجزائر من منظور الأمن الإنساني ، بحث ماجستير  ، جامعة محمد خيضر ، الجزائر ،  2011 م ، ص 14  .
(2)  رقية العاقل ، إشكالية الهجرة والأمن في غرب المتوسط ، بحث ماجستير ، جامعة الجزائر ، كلية العلوم السياسية والإعلام ، 2008 م ، ص 20 .
(3) حمدي شعبان  ، الهجرة الضرورة والحاجة ، مركز الإعلام  الأمني ، القاهرة ، 2008 م  ، ص 4 .

(1) حمدي شعبان  ، مصدر سابق ، ص 4 .
(2) )  ساعد رشيد ، مصدر سابق ، ص 15 .
(3) عصام بن الشيخ و قوي بن حنية ،  ظاهرة الهجرة غير الشرعية وآثارها الدولية ، مطابع جامعة قاصدي مرباح  ، الجزائر ، 2012م ، ص ص4 5  .
(4)  نفس المصدر ، ص 5 .
(1)  المعجم الوجيز ، مصدر سابق ،ص 551 .
(2)  وليد خالد الربيع ، حق اللجوء السياسي في  الفقه الإسلامي والقانون الدولي ، مطابع جامعة الكويت ، الكويت ، 2010 م ، ص  8 .
(3) ابن منظور ، لسان العرب ، تحقيق :( عبدلله علي الكبير وأخرون ) ، دار المعارف ، القاهرة ، ج5 ، (ب ت ) ، ص  235 .
(4)  خالد محمد دفع الله ، السياسة المريكية تجاه لاجئي القرن الأفريقي ، المكتبة الوطنية ، الخرطوم ، ط1 ، 2006م ، ص ص 52 53  .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق